للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: "هذه حاديةُ إحدَى عشرَ" بالضمّ لا غيرُ، وعلى الوجه الثالث: "هذه حادية عشرَ" بالضمّ، والفتح على ما تقدّم.

وأمّا "حادي" فهو مقلوب من "واحد"، أُخّرت الفاء إلى موضع اللام، ثمّ قلبت الواو ياءً لتطرُّفها وانكسارِ ما قبلها، فصار وزنُها "عالِفًا"، وأصلها "فاعِلٌ" من الوحدة، وقد تقدّم نحوٌ من ذلك، فاعرفه.

[فصل [إضافة اسم الفاعل المشتق من العدد]]

قال صاحب الكتاب: وإذا أضفت اسم الفاعل المشتق من العدد؛ لم يخل من أن تضيفه إلى ما هو منه, كقوله تعالى: {ثاني اثنين} (١) , و {ثالث ثلاثة} (٢)، أو إلى ما هو دونه كقوله عز وجل: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} (٣)، وقوله: {خمسة سادسهم} (٤) , فهو في الأول بمعنى واحد من الجماعة المضاف هو إليها، وفي الثاني بمعنى جاعلها على العدد الذي هو منه, وهو من قولهم: "ربعتهم", و"خمستهم". فإذا جاوزت العشرة لم يكن إلا الوجه الأول، تقول: "هو حادي إحدى عشر"، و"ثاني اثني عشر"، و"ثالث ثلاثة عشر" إلى "تاسع تسعة عشر". ومنهم من يقول: "حادي عشر أحد عشر", و"ثالث عشر ثلاثة عشر".

* * *

قال الشارح: قد استعمل اسم الفاعل المشتق من العدد على معنيَيْن:

أحدهما: أن يكون المراد به واحدًا من جماعةٍ، والآخر أن يكون فاعلاً كسائر أسماء الفاعلين، فالأوّلُ، نحو: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ}، و {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}. قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} (٥)، وقال عزَّ وجلَّ: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} (٦). فما كان من هذا الضرب فإضافته محضةٌ, لأن معناه أحدُ ثلاثة، وبعضُ ثلاثة، فكما أن إضافة هذا صحيحةٌ، فكذلك ما هو في معناه، ولا يجوز فيه أن يُنوَّن وينْصِبَ في قول أكثر النحويين، لأنّه ليس مأخوذًا من فعل عامل.

وأمّا الثانى: وهو ما يكون فاعلاً كسائر أسماء الفاعلين، نحوَ: "ثالثُ اثنَين"، و"رابعُ ثلاثة"، و"خامسُ أربعة"، فهذا غير الوجه الأوّل، إنّما معناه هو الذي جعل الاثنين ثلاثةً بنفسه، فمعناه الفعلُ، كأنّه قال: "الذي ثَلَثَهم، ورَبَعَهم، وخَمَسَهم"، وعلى هذا


(١) التوبة: ٤٠.
(٢) المائدة: ٧٣.
(٣) المجادلة: ٧.
(٤) الكهف: ٢٢؛ والمجادلة: ٧. وفي الطبعتين: "خامسهم سادسهم"، وهذا تحريف.
(٥) المائدة: ٧٣.
(٦) التوبة: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>