فـ"القِنْيَةُ": من الواو لقولهم: "قَنَوْت"، وقالوا فيها:"قِنْوَهٌ" أيضًا، و"الصبْيَة" من "صَبَا يصْبُو"، و"الدِّنْيَا" من "الدُّنُوّ"،فاعرفه.
فصل [الإعلال في "فَعْلي" و"فُعْلي"]
قال صاحب الكتاب: وما كان "فَعْلَي" من الياء قلبت ياؤه واواً في الأسماء كالتقوى والبقوى والرعوى والشروى والعوى لأنها من "عويت" والطَّغوى" لأنها من الطغيان, ولم تقلب في الصفات نحو خزيا وصديا وريَّا.
قال الشارح: قد تقدّم الكلام على طرف من هذا الفصل. وجملةُ الأمر أنّ "فَعْلَى" إذا كان اسمًا ولامُه ياءٌ، فإنّهم يُبْدِلون من الياء الواو، ولا يفعلون ذلك في الصفة، كأنّهم أرادوا التفرقة بين الاسم والصفة، وقد اعتمدوا ذلك في مواضعَ، فقالوا في الاسم: "الشروى"، و"التَّقوى"، و"البقوى"، و"الرعوى"، و"العوّى"، و"الطغوى"، فهذه كلّها أسماءٌ، وأصلها الياء، فالشروى: المِثْلُ، يقال: "هذا شروى هذا"، أي: مثله، وهو من "شَرَيْت"، والتقوى: التَقيّةُ والوَرَعُ، يقال: "اتَّقاهُ يَتّقيه اتّقاءً"، و"تَقاهُ يَتْقيه تَقيّةً وتِقاءً وتُقًى". وهو من الياء لقولهم: "وَقَيْت"، و"تَقَيْت"، أي: "انتظرت". والرُّعْوَى: والرُعْيَا من الحفاظ والرعاية، فهو من "رَعَيْت". والعَوَّى: كوكبٌ، يقال: إنّه وركُ الأسد. وذكر أبو عليّ في الشيرازيّات (١): زعم أبو إسحاق أنّها سُمّيت بذلك لانعطاف الذي فيها، كأنّها ألفٌ معطوفةُ الذَّنَب. وهو من "عَوَيْتُ الحَبْلَ": إذا فتلتَه. والطغوى: من الطُّغْيان، يقال: "طُغْوانٌ"، و"طُغْيانٌ"، و"طَغْوًى" بمعنى واحد، وهو مجاوزة الحدّ في العِصْيان.
ولم يقلبوا في الصفات نحو: "خَزْيَا"، و"صَدْيَا"، و"رَيَّا"، فإن أردت الاسم قلت: "رِوّى". فعلوا ذلك لضرب من التعويض من كثرة دخول الياء على الواو، واختصّوا بذلك اللامَ دون الفاء والعين لضُعْفها وتأخُّرها، والضعيفُ مطموعٌ فيه. فإن قيل: فهلّا كان ذلك في الصفة دون الاسم حيث أرادوا الفرق والتعويض، قيل: الواو مستثقلة، والصفةُ أثقلُ من الاسم إذ كانت في معنى الفعل، فلم تزد ثقلًا بالواو، وحيث كان الاسم أخفَّ عليهم، جعلوه بالواو، ليُعادِل ثقلُ الواو ثقلَ الصفة.
* * *
قال صاحب الكتاب: ولا يُفْرَق فيما كان من الواو نحو: "دَعْوَى"، و"عَدْوَى"، و"شَهْوَي"، و"نَشْوَى".