قال الشارح: يريد أنّه لا يلزم الفرق بين الاسم والصفة فيما كان من ذوات الواو، كما لزم في ذوات الياء. إنّما ذلك مقصور على ما كان من الياء، فيستوي الاسمُ والصفةُ. وتقول:"دعوى"، و"عدوى" وهي المَعونة، وفي الصفة، "شهوى"، و"نشوى"، فيكون الجميع بالواو، فلا يُغيَّر الاسم. والصفةُ تبقى على حالها كما كانت في "صَدْيَا" و"خَزْيَا" كذلك غيرَ مغيّرة، وإذا كانوا قد قلبوا الياء واوا في "شَرْوَى" و"رَعْوَى" لأنّهما اسمان، فأن يُقِرّوا الواو فيما هي في أصلٌ أجدرُ.
* * *
قال صاحب الكتاب: و"فُعْلَى" تُقلب واوها ياءً في الاسم دون الصفة، فالاسمُ نحو:"الدُّنْيَا"، و"العُلْيَا"، و"القُصْيَا"، وقد شذّ "القُصْوَى"، و"حُزْوَى"، والصفةُ قولك إذا بنيتَ "فُعْلَى"، من "غَزَوْتُ": "غْزْوَى".
* * *
قال الشارح: وقد فصلوا هنا بين الاسم والصفة، إلّا أنّ التغيير هنا مخالفٌ للتغيير في "فَعْلَى", لأنّك هنا قلبت واوه ياءً، وفي "فَعْلَى" قُلِبَتْ ياؤه واوًا، وذلك لضرب من التعادل. وقد مثّل الاسمَ بـ "الدنيا"، و"العليا"، و"القصيا"، وهي في الحقيقة صفاتٌ، إلّا أنّها جرت مجرى الأسماء لكثرة استعمالها مجرّدة من الموصوفين، فهي كـ"الأَجْرَع"، و"الأَبْطَح"، ولذلك قالوا في جمعه:"الأباطِح"، و"الأجارع"، كما قالوا:"أَحْمَدُ"، و"أَحامِدُ". وأبدلوا الواو في "فُعْلَى" بضمّ الفاء كما أبدلوها بفتح الفاء، ولم تغيّر الصفة نحو:"غزوى"، كما لم تغير في "فَعْلَى"، نحو:"خَزْيَا".
وقد شذّ "القُصْوَى"، وكان القياس "القُصْيَا"، كما قالوا:"الدُّنْيا". ولا يُنْكَر أن يشذّ من هذا شيءٌ, لأنّ أصله الصفةُ، فجاز أن يخرج بعضُ ذلك على الأصل، فيكون مَنْبَهَة على أنّ أصله الصفة. وقد قالوا:"حُزْوَى" في العَلَم، وهو اسم مكان، والأعلامُ قد يكثر فيها الخروجُ على الأصل نحو:"مَكْوَزَةَ"، و"مَحْبَبٍ"، و"حَيْوَةَ"، ونحوها، فاعرفه.
* * *
قال صاحب الكتاب: ولا يُفْرَق في "فُعْلَى" من الياء، نحو. "الفُتْيَا"، و"القُضْيَا" في بناءِ "فُعْلَى" من "قضيتُ"؛ وأمّا "فِعْلَى"، فحقُّها أن تَنْساق على الأصل صفةً واسمًا.
* * *
قال الشارح: أمّا "فُعْلَى" بالضمّ من الياء، فلا يغيّر كما يغيّر "فُعْلَى" من الواو، لأنّهم إذا كانوا قد قلبوا ذوات الواو إلى الياء في نحو:"الدُّنْيَا"، فلأن يُقِرّوا الياء على حالها كان ذلك أحرى، وإذا كانوا قد أقرّوا الواو في "فَعْلَى"، نحو:"الدَّعْوَى"، و"العَدْوَى" على حالها مع ثقل الواو، فأن يُقِرّوا الياء مع خفّتها كان ذلك أجدر؛ وأمّا "فِعْلَى" فلا نعلمهم غيّروه، بل أتوا به على الأصل، والشيء إذا جاء على أصله، فلا علّةَ