للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصل القصر، والمد إشباعُ فتحةِ الهمزة، ومنه قولُ الهُذَليّ [من الكامل]:

٥٣٠ - بَيْنَا تَعَنقِه الكُماةَ ورَوْغِه ... يَوْمًا أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ

والمراد: بينَ أوقاتِ تعنقه. قالوا في "بَيْنَ": "بَيْنَا"، وهي مبنية لوقوعها موقعَ فعلِ الأمر، وفُتحت لالتقاء الساكنين على حد "رُوَيْدَ"، و"أيْنَ"، و"كَيْفَ". فأمّا قول أبي العباس في "آمِينَ": بمنزلةِ "عَاصِينَ"، فإنّه إنّما يريد به أنّ الميم خفيفة كصادِ "عاصين" لا أنه جمعٌ. وقال أبو الحسن: "آمِينَ" اسمٌ من أسماء الله تعالى. والوجهُ الأول، إذ لو كان كذلك، لم يكن مبنيًا، ويؤيد ذلك قولُه تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (١)، كما جاء في الخبر أن موسى كان يدعو، وأخاه كان يُؤمِّن، والاسمُ الواحد لا يُقال له دعاءٌ.

* * *

[[أسماء الفعل التي هي أسماء أخبار]]

قال صاحب الكتاب: وأسماءُ الأخبار، نحوُ: "هَيهاتَ ذاك" أي: بَعُدَ، وَ"شَتّانَ زيد وعمرو"، أي: افْتَرَقَا، وتَبايَنَا، و"سَرْعانَ ذا إهالة" (٢)، أي: سَرُعَ، و"وَشْكانَ ذا


٥٣٠ - التخريج: البيت لأبي ذؤيب في الأشباه والنظائر ٢/ ٤٨؛ وخزانة الأدب ٥/ ٢٥٨، ٧/ ٧١، ٧٣، ٧٤؛ والدرر ٣/ ١٢٠؛ وسر صناعة الإعراب ١/ ٢٥، ٢/ ٧١٠؛ وشرح أشعار الهذليين ١/ ٣٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٢٦٣، ٢/ ٧٩؛ ولسان العرب ١٣/ ٦٥ (بين)؛ وبلا نسبة في الخصائص ٣/ ١٢٢؛ ورصف المباني ص ١١؛ وهمع الهوامع ١/ ٢١١.
اللغة: الكماة: جمع كمي وهو المقاتل الذي ستر نفسه بالسلاح. روغه: مصدر راغ أي: مال وحاد عن الشيء. جريء: ذو جرأة. سلفع: جسور واسع الصدر.
المعنى: إن هذا البطل الشجاع بينما كان يعانق الشجعان، ويروغ عنهم، أي يلتحم بهم أحيانًا ويبتعد أخرى، قدّر له شجاع جسور ذو جرأة فأرداه قتيلًا. والمراد: أن الشجاع لا تعصمه شجاعته وجرأته من الموت.
الإعراب: "بينا": ظرف مكان منصوب متعلق بالفعل "أتيح"، والألف: للإشباع. "تعنقه": مضاف إليه مجرور، والهاء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "الكماة": مفعول به منصوب للمصدر "تعنقه". "وروغه": الواو: حرف عطف، "روغه": اسم معطوف على "تعنُّقه" مجرور مثله، والهاء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "يومًا": مفعول فيه ظرف زمان متعلق بالمصدر "تعنّقه". "أتيح": فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتحة الظاهرة. "له": جار ومجرور متعلقان بالفعل "أتيح". "جريء": نائب فاعل مرفوع بالضمة. "سلفع": صفة لـ "جريء" مرفوعة مثلها.
جملة "أتيح له جريء": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "بينا تعنُّقه" حيث أشبع الفتحة في "بين" فصارت "بينا"، ويجوز إضافة "بينا" دون "بينما" إلى المصدر، كما في هذا البيت.
(١) يونس: ٨٩.
(٢) هذا القول من أمثال العرب، وقد ورد في جمهرة الأمثال ١/ ٥١٩؛ وجمهرة اللغة ص ٧١٥، ٨٧٨؛ ولسان العرب ٨/ ١٥٢ (سرع)؛ ومجمع الأمثال ١/ ٣٣٦. =

<<  <  ج: ص:  >  >>