قال صاحب الكتاب: ومن العرب من يقلب الواو والياء في مضارع "افتعل" ألفًا, فيقول:"ياتعدُ" و"ياتَسِرُ"، ويقول في ييبسُ وييأس: يابس وياءس. وفي مضارع "وَجِلَ" أربع لغات: يوجل وياجل وييجل وييجل, وليست الكسرة من لغة من يقول:"تِعْلَمُ".
* * *
قال الشارح: قوم من أهل الحجاز حَمَلَهم طلبُ التخفيف على أن قلبوا حرفَ العلّة في مضارع "افتعل" ألفًا، واوًا كانت أو ياءً، وإن كانت ساكنة، قالوا:"ياتَعِدُ" و"ياتَرنُ"، وذلك من قبل أن اجتماع الياء مع الألف أخفّ عندهم من اجتماعها مع الواو، فلذلك قالوا:"ياتَعِدُ"، فأبدلوا من الواو الساكنة ألفًا، كما أبدلوها من الياء في "ياتَسِرُ".
وقد جاء في مضارعِ "فَعِلَ""يَفْعَلُ" ممّا فاؤه واوٌ، نحو:"وَجِلَ يَوْجَلِ"، و"وَحِلَ يَؤحَلِ" أربعُ لغات: قالوا: "يَوْجَلُ" بإثبات الواو، وهي أجْودها، وهي لغةُ القرآن في نحو قوله تعالى:{قَالُوا لَا تَوْجَلْ}(١)؛ لأنّ الوْاو لم تقع بين ياء وكسرة، فثبتت.
وقالوا:"ياجَلُ"، فقلبوا الواو ألفًا، وإن كانت ساكنة على حدّ قلبها في "ياتَعِدُ"، و"ياتَزِنُ"، كأنّهم كرهوا اجتماع الواو والياء، ففرّوا إلى الألف لانفتاحِ ما قبلها.
والثالثةُ قالوا:"يَيْجَلُ"، فقُلبت الواو ياءً استثقالًا لاجتماع الياء والواو، وقد شبهوا ذلك بـ "مَيِّتٍ"، و"سَيِّدٍ" وإن لم يكن مثلَه. فوجهُ الشَّبَه أن اجتماع الواو والياء ممّا يستثقلونه لا سيما إذا تقدمت الياء الواوَ، ولذلك قَلَّ "يَومٌ"، و"يُوح". وأمّا المخالفةُ، فلأن السابق منهما في نحو:"مَيِّت" ساكن، وفي "يَوْجَلُ" متحرِّكٌ فهذا وإن لم يكن موجِبًا للقلب لكنّه تعلَّلٌ بعد السماع.
وأمّا الرابع، فقالوا:"يِيجَلُ" بكسر الياء، كأنهم لمّا استثقلوا اجتماعَ الياء والواو، كرهوا قلبَها ياءً، كما قلبوها في "مَيتٍ" لحَجْز الحركة بينهما، فكسروا الياء ليكون ذلك وسيلةً إلى قلب الواو ياءً؛ لأنّ الواو إذا سكنت وانكسر ما قبلها، قُلبت ياءً على حدّ "مِيزانٍ"، و"مِيعادٍ". قال: وليست الكسرة من لغة من يقول: "تِعْلَمُ". والذي يدل أن الكسرة كانت لِما ذكرناه أنّ من يقول. "تِعْلَمُ"، في كسر حرف المضارعة، لا يكسر الياء، فيقولَ:"يِعْلَمُ"؛ لأنّهم يستثقلون الابتداء بالياء المكسورة، ولذلك لم يوجَد في الأسماء اسمٌ أوّلُه ياءٌ مكسورة إلَّا "يِسارُ اليَد"، فاعرفه.