للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل [أحكام "منذ"]]

قال صاحب الكتاب: ومنها "منذ"، وهي إذا كانت إسماً على معنيين:

أحدهما: أول المدة كقولك: "ما رأيته منذ يوم الجمعة"، أي: أول المدة التي انتفت فيها الرؤية ومبدؤها ذلك اليوم.

والثاني: جميع المدة كقولك: "ما رأيته منذ يومان"، أي مدة انتفاء الرؤية اليومان جميعاً. و"مذ" محذوفة منها, وقالوا: هي لذلك أدخل في الأسمية, وإذا لقيها ساكن بعدها ضمت رداً إلى أصلها.

* * *

قال الشارح: اعلم أن "مُذْ"، و"مُنْذُ" يختصان بالزمان، فلا يدخلان إلا على زمان، فمحلهما من الزمان محل "مِنْ" من المكان. فـ "مِن" لابتداء الغاية في المكان، ولا يُستعمل في غيره. تقول: "ما سرْتُ مِن بغدادَ"، أي: ما ابتدأتُ السيرَ من هذا المكان. و"مُنْذُ"، و"مُذ" لهذا المعنى في الزمان، ولا يُستعملان في غيره. وذهب الكوفيون (١) إلى أن "من" يصلح للزمان والمكان، و"مُذْ"، و"مُنْذُ" لا يصلحان إلَّا للزمان، وتَعلقوا بقوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ} (٢)، و"أوّلُ يوم" من الزمان؛ وقد دخلتْ "من" على الزمان، ومنه قولُ زُهَيْر [من الكامل]:

٦٣٤ - لِمَنِ الدِيارُ بقُنةِ الحِجرِ ... أقْوَيْنَ مِن حِجَج ومِن دَهْرِ


= اللغة: هَدَاه: تَقَدَمه.
المعنى: إن للفتى عملا يهديهِ إلى الرشاد ما دام حيًّا، وأينما كان.
الإعراب: "للفتى": جار ومجرور بفتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم. "عقل": مبتدأ مرفوع مؤخر. "يعيشُ": فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل مستتر تقديره: هو. "به": جار ومجرور متعلقان بالفعل "يعيشُ". "حَيث": اسم مبني على الضم في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالفعل "يعيش". "تهدِي": فعل مضارع مرفوع بالضمة. "ساقه": مفعول به منصوب، والهاء: مضاف إليه محله الجر. "قدَمُه": فاعل مرفوع بالضمة، والهاء: مضاف إليه محله الجر.
جملة "للفتى عقل": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يعيش به": صفة لـ"عقل" محلها الرفع. وجملة "تهدِي ساقه قدمه": مضاف إليها محلها الجر.
والشاهد فيه أن الأخفش قال: إِن "حيث" قد تأتي بمعنى الحين كما في هذا البيت.
(١) انظر المسألة الرابعة والخمسين في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين ص ٣٧٠ - ٣٧٦.
(٢) التوبة: ١٠٨.
٦٣٤ - التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٨٦؛ والأزهية ص ٢٨٣؛ وأسرار العربية =

<<  <  ج: ص:  >  >>