للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممّا يدلّ أنّ الياء لبيان الحركة، وأنّ الهاء ليست للتأنيث، أنّك لو سمّيت رجلًا بـ "ذِه" لأعربت، ونوّنت، وقلت: "هذا ذِهٌ"، و"رأيت ذِهًا"، و"مررت بذِهٍ"، فتحذف الياء للاستغناء عنها بالحركات، وتصرفه، ولو كانت الهاء للتأنيث لم تصرفه كما لم تصرف "حمزة" و"طلحة"، وهذا واضحٌ.

وأمّا إبدالها من التاء في نحو: "حمزة"، و"طلحة"، فإذا وقفتَ على هذه التاء، أبدلت منها الهاء، وقد تقدّم الكلام عليها في حروف الزيادة. ومنهم من يُجْرِي الوصل مجرى الوقف، فيقول: "ثَلَاثَة ارْبَعَهْ". ومنهم من يجري الوقف مجرى الوصل، فيقول [من الرجز]:

بل جَوْزِ تَيهاءَ كظَهْرِ الحَجَفَتْ (١)

وحكى قطرب عن طيِّىء أتهم يقولون: "كيف البنون والبَناهْ، وكيف الإِخوةُ والأَخَواه"، فأبدلوا من تاء الجمع هاءً في الوقف، كما يبدلونها من تاء التأنيث الخالصة، وذلك شاذّ. وقد قالوا: "التابُوهُ" في التابُوت، وهي لغة، ووزنُه فَعَلُوتٌ، كـ"رَحَمُوتٍ"، فهو كـ"الطاغوت"، وأصله: "تَوَبُوتٌ"، فقلبوا الواو ألفًا، و"التابوهُ" لغة الأنصار، و"التابوتُ" لغةُ قُرَيْش، وقال ابن مَعْن: لم يختلف الأنصارُ وقريشُ في شيء من القرآن إلَّا في "التابوت". ووقف بعضهم على "اللات" بالهاء، فقال: "اللاه" (٢).

[فصل [إبدال اللام]]

قال صاحب الكتاب: واللام أبدلت من النون والضاد في قوله [من البسيط]:

وقفت فيها أصيلالاً أُسائلُها ... [عيّت جوابًا وما بالرَّبع من أحد] (٣)

وقوله [من الرجز]:

[لما رأي أن لا دعه ولا شبع] ... مال إلى أرطاة حقفٍ فالطجع (٤)

* * *

قال الشارح: قد أبدلت اللام من النون في قوله [من البسيط]:

وقفت فيها أُصيلالًا أسائلها


(١) تقدم بالرقم ٣٤٤.
(٢) في الآية: {أفرأيتم اللات والعزى} [النجم: ١٩]. وهي قراءة الكسائيّ وابن كثير وغيرهما. انظر: تفسير القرطبي ١٧/ ١٠١؛ والنشر في القراءات العشر ٢/ ١٣٢، ٣٧٩؛ ومعجم القراءات القرآنية ٧/ ١٢.
(٣) تقدم بالرقم ٣٠١.
(٤) تقدم بالرقم ١٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>