قال صاحب الكتاب: وكنانة تكسر العين من "نعم", وفي قراءة عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما قالوا:"نعم". وحكى أن عمر سأل قوماً عن شيء فقالوا:"نعم" بالفتح، فقال عمر: إنما النعم الإبل، فقالوا: نعم. وعن النضير بن شميل أن:"نحم" بالحاء لغة ناس من العرب.
* * *
قال الشارح: الفتح في "نَعَم" والكسر لغتان فصيحتان، إلَّا أن الفتح أشهر في كلام العرب، وقد جاء الكسر في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وجماعه من الصحابة، منهم عمر وعلي والزبَير وابن مسعود، رضي الله تعالى عنهم. وذكر الكسائيُّ أن أشياخ قُرَيش يتكلّمون بها مكسورةَ. وحُكي عن أبي عمرو قال: لغةُ كنانة "نَعِم" بالكسر. وربما أبدلوا الحاء من العين، فقالوا:"نَحَمْ" في "نَعَمْ"؛ لأتها تليها في المَخرَج، وهي أخف من العين؛ لأنها أقربُ إلى حروف الفم. حكى ذلك النَّضر بن شُمَيل، فاعرفه.
[فصل [لغات "إي" إذا وليها "أن"]]
قال صاحب الكتاب: وفي "إي الله" ثلاثة أوجه: فتح الياء، وتسكينها، والجمع بين ساكنين هي ولام التعريف المدغمة وحذفها.
* * *
قال الشارح: قد ذكرنا أن الياء من "إي" ساكنة كالميم من"نَعَمْ"، واللام من" أجَلْ". وإذا لقيها لامُ المعرفة من نحوِ "إي الله"، فإن لك فيه ثلاثةَ أوْجُه: فتحَ الياء، تقول:"إيَ الله"، وهو أعلاها، فتفتح لالتقاء الساكنين كما تفتح نونَ "مِن"، في قولك:"مِنَ الرجل". ولم يكسروها استثقالًا للكسرة بعد كسرة الهمزة. وإذا كانوا قد استثقلوا الكسرة على النون للكسرة قبلها مع أنّ النون حرف صحيح؛ فلأنْ يستثقلوها على الياء المكسور ما قبلها كان ذلك أحرَى وأوْلى. ومنهم من يقول:"إي الله"، فيُشْبع مدّةَ الياء، ويجمع بين الساكنين لوُجود شرطَي الجمع بين ساكنين وهما: ان يكون الساكن الأول حرفَ مد ولين، والثاني مُدغَمًا، كـ "داَبةٍ"، و"شابَّه". والثالث، وهو أقلّها، أن يقولوا:"اللهَ"، فيحذفوا الياء لالتقاء الساكنين؛ لأن همزة الوصل محذوفة للوصل، فبقي اللفظُ "إللَّهَ" بكسر الهمزة.
ولا يكون في "إللَّهَ" من قولك: "إي اللهَ" إلَّا النصبُ. ولو قلت:"هَا اللهِ"لخفضتَ؛ لأن "إي" ليست عوضًا عن حروف القسم، إنما هي جوابٌ لِمن سأل عن الخبر، فقلت:"إي واللهِ لقد كان كذا، بخلافٍ: "ها" فإنهه عوضٌ عن الواو، ولذلك يُجامِعها.