قال صاحب الكتاب: المذكر ما خلا عن العلامات الثلاث التاء والألف والياء، في نحو: غرفة وأرض (١) , وحبلى وحمراء وهذى, والمؤنث ما وجدت فيه إحداهن.
* * *
قال الشارح: التذكير والتأنيث معنيان من المعاني، فلم يكن بدٌّ من دليل عليهما، ولمّا كان المذكّر أصلًا، والمؤنّث فرعًا عليه؛ لم يحتج المذكّرُ إلى علامة؛ لأنّه يُفهَم عند الإطلاق، إذ كان الأصلَ، ولمّا كان التأنيث ثانيًا، لم يكن بدّ من علامة تدلّ عليه، والدليلُ على أنّ المذكّر أصلٌ أمران: أحدُهما مَجيئُهم باسم مذكّر يعُمّ المذكّرَ والمؤنّثَ، وهو شَيْءٌ. الثاني أنّ المؤنّث يفتقر إلى علامة. ولو كان أصلًا، لم يفتقر إلى علامة، كالنكرة لمّا كانت أصلاً، لم تفتقر إلى علامة. والمعرفةُ لمّا كانت فرعًا، افتقرت إلى العلامة، ولذلك إذا انضمّ إلى التأنيث العَلَميّةُ، لم ينصرف، نحو:"زَيْنَبَ"، و"طَلْحَةَ"، وإذا انضمّ إلى النكرة، انصرف، نحو:"جَفْنَةٍ"، و"قَصْعَةٍ". فإذا قد صار المذكّرُ عبارةٌ عن ما خلا من علامات التأنيث، والمؤنّثُ ما كانت فيه علامةٌ من العلامات المذكورة.
وعلامات التأنيث ثلاثةٌ: التاء، والألف، والياء. والكلامُ: أسماءٌ وأفعالٌ وحروفٌ، والذي يؤنَّث منها الأسماء دون الأفعال والحروفِ؛ وذلك من قبل أنّ الأسماء تدلّ على مسمّياتٍ تكون مذكّرةً ومؤنّثةً، فتدخل عليها علامةُ التأنيث أمارةً على ذلك، ولا يكون ذلك في الأفعال، ولا الحروف.
أمّا الأفعال؛ فلأنّها موضوعةٌ للدلالة على نِسْبَةِ الحَدَث إلى فاعلها، أو مفعولها من نحو:"ضَرَبَ زيدٌ"، و"ضُرِبَ عمرو"، فدلالتُها على الحدث ليست من جهة اللفظ، وإنّما هي التزامٌ، فلمّا لم تكن في الحقيقة بإزاء مسمّيات؛ لم يدخلها