للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} (١)، يريد: من البحرَيْن، وإنّما يخرج اللؤلؤُ والمرجان من أحدهما، وأما قول الأعشى [من الكامل]:

ولا نُقاتِلُ بالعِصِيْ ... يـ ولا نُرامِي بِالحجارَهْ

إلا عُلالَةَ أو بُدا ... هة سابِح نَهْدِ الجُزارَهْ (٢)

فالشاهد فيه الفصلُ بين المضاف والمضاف إليه، مثل الذي قبلَه، والخلافُ فيه كالذي قبله. والتقديرُ فيه: إلَّا عُلالَةَ سابح، أو بُداهتَه.

فأما الفصل بغير الظرف؛ فلم يَرِد به بيتٌ، والقياسُ يَدْفَعُه، فأما قوله [من مجزوء الكامل]:

فَزَجَجتُها بمِزَجَّةِ ... إلخ

فإنّه أنشده الأخفشُ في هذا الباب، والشاهدُ فيه أنه أضاف المصدرَ إلى الفاعل، وفصل بينهما بالمفعول. وذلك ضعيف جدًّا، لم يصح نَقْلُه عن سيبويه، على أن ابن كَيسانَ قد نقل عن بعض النحويين أنه يجوز أن يُفرَق بين المضاف والمضاف إليه، إذا جاز أن يُسكَت على الأول منهما، لأنه يصير ما فرق بينهما كالسكْتَة التي تقع بينهما، وقد قرأ ابنُ عامرٍ: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} (٣) بنصبِ "الأولا"، وخَفْضِ "الشركاء"، فهذا فصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول. وحكى الكِسائيُّ: "أخذتُه بأدَّى ألْفِ درهم". وهذا أفحشُ ممّا تقدّم, لأنه أدخلَ حرفَ الجرّ على الفعل، وفصل به بين الجارّ والمجرور. ولا يُقاس على شيءِ من ذلك. وإنّما جاز بالظرف, لأن الأحداث وغيرَها لا تكون إلَّا في زمانِ أو مكان، فكانت كالموجودة، وإن لم تُذكَر، فكأن ذِكرَها وعدمَها سِيان، فلذلك جاز إقحامُها فاعرفه.

فصل [حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه]

قال صاحب الكتاب: وإذا أمنوا الإلباس, حذفوا المضاف, وأقاموا المضاف إليه مقامه وأعربوه بإعرابه. والعلم فيه قوله تعالى: {واسأل القرية} (٤)؛ لأنه لا يلبس أن المسؤول أهلها لا هي, ولا يقال: "رأيت هنداً", يعنون رأيت غلام هندٍ. وقد جاء الملبس في الشعر قال ذو الرمة [من الطويل]:

٣٩١ - عشية فر الحارثيون بعد ما ... قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر


(١) الرحمن: ٢٢.
(٢) تقدم بالرقم ٣٨٩.
(٣) الأنعام: ١٣٧.
(٤) يوسف: ٨٢.
٣٩١ - التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ٢/ ٦٤٧؛ وخزانة الأدب ٤/ ٣٧١؛ والدرر ٥/ ٣٧؛ ولسان=

<<  <  ج: ص:  >  >>