للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف الحرف حرفُ التعليل

فصل [كَيْ]

قال صاحب الكتاب: وهو "كي". يقول القائل: "قصدت فلاناً"، فتقول له: "كيمه"؟ فيقول: "كي يحسن إليّ". و"كيمه" مثل "فيمه" و"عمَّه" و"لمه". دخل حرفُ الجرّ على "ما" الاستفهامية محذوفاً ألفها, ولحقت هاء السكت. واختلف في إعرابها، فهي عند البصريين مجرورةٌ، وعند الكوفيين منصوبة بفعل مضمر (١)، كأنك قلت: "كي تفعل ماذا". وما أرى هذا القول بعيداً من الصواب.

* * *

قال الشارح: أمّا "كَيْ" فحرفٌ معناه العِلّة، والغرضُ من ذلك أنّك إذا قلت: "قصدتُك كي تثيبَني"، فُهم من ذلك أنّ الغرض إنّما هو الثواب، وهو علّةٌ لوجوده. وهي على ضربين: تكون حرفَ جرّ بمعنى اللام، وناصبةً للفعل بمعنى "أن". وذلك أنّ من العرب من يقول: "كَيمَهْ"، فيُدْخِل "كَيْ" على"ما" الاستفهاميّة، ويحذف ألفَها تخفيفًا، وفرقًا بينها وبين الخبريّة، ثم يُدْخِل عليها هاء السكت لبيان الحركة. فلو كانت "كَي"هنا غيرَ حرف جرّ، لم تدخل على "ما" الاستفهامية؛ لأن عوامل الأفعال لا تدخل على الأسماء. ويدلّ على أن "ما" ها هنا استفهام حذفُ ألفها، ولا تُحْذَف ألفُ "ما" إلَّا إذا كانت استفهامًا عند دخول حرف الجرّ عليها، نحوَ قوله: "لِمَة"، و"بِمَهْ"، و"عَمَّهْ".

وإذا كانت حرف جرّ، فالفعلُ بعدها ينتصب بإضمارِ "أنْ"، كما يكون كذلك مع اللام في نحو قولك: "قصدتُك لتُكرِمَني"، والمراد: لأنْ تكرمَني. والذي يدلّ على ذلك أن الشاعر قد أظهر"أن" لمّا اضُطّر إلى ذلك. قال جَمِيل [من الطويل]:

١١٨٦ - فقالت أكُلَّ الناس أصبحتَ مانِحًا ... لِسانَك كَيمَا أنْ تَغُرَّ وتَخدَعا


(١) انظر المسألة الثامنة والسبعين في "كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" ص ٥٧٠ - ٥٧٤.
١١٨٦ - التخريج: البيت لجميل بثينة في ديوانه ص ١٠٨؛ وخزانة الأدب ٨/ ٤٨١، ٤٨٢، ٤٨٣، ٤٨٨؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>