للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفعول. وإذا كان الفعل يتعدّي إلى مفعول واحد، وجئت بالظرف، وجعلته مفعولًا به على السعة، صار كالأفعال المتعدّية إلى مفعولَيْن. وإذا كان الفعل يتعدّي إلى مفعولين، وجئت بالظرف، وجعلته مفعولًا به، صار كالأفعال المتعدّية إلى ثلاثة. فإذا كان الفعل يتعدّي إلى ثلاثة مفعولين، ثمّ جئت بالظرف، فمن النحويين من يأبى الاتساع في الظرف حينئذ, لأنّ الثلاثة نهايةُ التعدي، وليس وراءَها ما يُلْحَق به. ومنهم من أجاز ذلك؛ لأنه لا يخرج عن حكم الظرفية، بدليل جواز تعدّي الفعل اللازم، والمنتهى في التعدي إليه، فاعرف ذلك.

[فصل [عمل الفعل المتعدي وغير المتعدي في نصب ما عدا المفعول به من المفاعيل الأربعة]]

قال صاحب الكتاب: والمتعدي وغير المتعدي سيّان في نصب ما عدا المفعول به من المفاعيل الأربعة، وما ينصب بالفعل من الملحقات بهن كما تنصب ذلك بنحو: ضرب وكسا وأعلم تنصبه بنحو ذهب وقرب.

* * *

قال الشارح: يريد أن الفعل الذي لا يتعدّى الفاعلَ والذي يتعدّاه جميعًا يشتركان في التعدّي إلى المفاعيل الأربعة، وهي: المصدر، والظرف من الزمان، والظرف من المكان، والحال، نحوَ قولك في اللازم: "قام زيد قيامًا يومَ الجمعة عندك ضاحكًا"، وتقول في المتعدي: "أكرم زيد عمرًا اليومَ خلفَك مستبشرًا".

وإنما اشتركا في التعدي إلى هذه الأربعة, لأنّ المتعدي إذا انتهى في التعدي، واستوفى ما يقتضيه من المفاعيل، صار بمنزلةِ ما لا يتعدّي، وكل ما لا يتعدّى يعمل في هذه الأشياء لدلالته عليها، واقتضائه إياها.

وما يدل عليه صيغةُ الفعل أقوى مما لا يدل عليه الصيغة، فَتَعدّيه إلى المصدر أقوى من ظرف الزمان؛ لأنّ الفاعل قد فعله، وأحدثه، ولم يفعل الزمانَ، إنما فعل فيه.

والزمان أقوى من المكان, لأنّ دلالة الفعل على الزمان دلالةٌ لفظية، ولذلك يختلف الزمان باختلاف اللفظ، فدلالتُه عليه تضمين، ودلالته على المكان ليست من اللفظ، وإنما هي من خارج، فهي التزام، ودلالةُ التضمين أقوى، فأنت إذا قلت: "ذهب"، فهذا اللفظ بُني ليدل على حصول الذهاب في زمن ماض، وإذا: قلت: "يذهب"، فهو موضوع للذهاب في زمن غير ماض، وليس كذلك المكان، فإن لفظ الفعل لا يدل عليه، ولا يُحَصل لك مكانًا دون مكان. ولذلك يعمل الفعل في كل شيء من الزمان عَمَلَه، ولا يعمل في كل شيء من المكان هذا العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>