للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيّا، ولَوَيْتُ لَيًّا"، وأُدغمتْ في ياء الإضافة، فحصلت الياء المنقلبةُ هنا بين الكسرة المُبدَلة من الضمة، وفتحة ياء النفس.

وإنّما أبدل من الضمة هنا كسرةٌ، لأنّ الواو هنا جُعلت مَدّةَ حركةِ ما قبلها من جنسها، وكان القياس في ياء التثنية أن تكون كذلك، إِلأ أنهم فتحوا ما قبلها للفَرْق بينها وبين ياء الجمع. فلما وجب قلبُ الواو ياء؛ أُبدل أيضًا من الضمّة كسرة، لتُناسِبَها، ولئلا يُخرَج عن المَد. وإن شئت أن تقول: إِنّ الواو هنا في موضع كسرة لمكانِ ياء النفس بعدها، إذ ياء النفس لا يكون ما قبلها إلّا مكسورًا، والياء وَسِيلةُ الكسرة على ما تقدّم، فقُلبت الواو ياء، كما تُقلب الضقة كسرةً في "هذا غلامي".

فإن قيل: يلزم من ذلك قلبُ الألف ياءً في التثنية، إذا أضفتها إلى ياء النفس، ولا مُبالاة بالإعراب كما أبدلتم من الواو ياء، ولم تُبالوا بالإعراب في قولك: "هذان غلامَايَ"؛ لأنها في موضع كسرة. قيل: الواوُ أقربُ إلى الياء من الألف إلى الياء، ألا ترى أنهما تَتفِقان في الرِّدْف، وتنفرِد الألفُ بالتأسيس، فلقُرْب ما بين الواو والياء اجتذبتْها الياء مع كونها في موضع كسرة، ولبُعْدِ ما بين الألف والياء، لم يَقوَ السببُ على قَلبها مع وجود المانع، وهو زَوال الدلالة على الإِعراب.

فإن قيل: إذا زعمتم أن ياء الجمع، أو واو الجمع، إذا أضيف إلى ياء النفس، فإن الياء لا تكون إلّا مفتوحة، فما وجهُ القراءة في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} (١)، قيل: هذه قراءة حَمْزَةَ والأعْمَشِ (٢)، وهي قليلةُ النظير جدًّا، على أنها ليست في البُعد من القياس بالمكان الذي تُعْزَى إليه، وذلك أن الإسكان في ياء النفس لما كثُر، صار كالأصل. فلمّا تقدّم ساكنٌ؛ حرّكوها بالكسرة لالتقاء الساكنَين، لِيدلّوا بذلك أن الحركة لالتقاء الساكنين، لا للبناء، فلم يُراعوا أصلَ حرفِ اللين فاعرفه.

فصل [إضافة الأسماء الستّة]

قال صاحب الكتاب: والأسماء الستة متى أضيفت إلى ظاهر أو مضمر، ما خلا الياء، فحكمها ما ذكرنا. فأما إذا أضيفت إلى الياء فحكمها حكمها غير مضافة، أي تحذف الأواخر، إلا ذو فإنه لا يضاف إلا إلى أسماء الأجناس الظاهرة وفي شعر كعب [من الوافر]:

صبحنا الخزرجية مرهفات ... أبار ذوي أرومتها ذووها (٣)


(١) الأنعام: ١٦٢.
(٢) وقراءة غيرهما انظر: البحر المحيط ٥/ ٤١٩؛ وتفسير القرطبي ٩/ ٣٥٧؛ والكشاف ٢/ ٣٧٤؛ والنشر في القراءات العشر ٢/ ٢٩٨، ٢٩٩؛ ومعجم القراءات القرآنية ٣/ ٢٣.
(٣) تقدم بالرقم ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>