للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواجعَ لنا، أو أقبلتْ رواجعَ. وذلك لأنه لم يُرِد معنى الخبر، وإنّما هو في حال تَمَنّ لنفسه، أو لمن حَلَّ عنده هذا المَحَلَّ، فلذلك ساغ الحذف لدلالة هذا المعنى على "لَنا" في هذا الكلام، كما دلّت حالُ الافتخار في قوله [من المنسرح]:

إنَّ مَحَلا وإنّ مُرْتَحَلا (١)

على معنَى: لَنا، فاعرفه.

فصل [وقوع "أنّ" بعد "ليت"]

قال صاحب الكتاب: وتقول:"ليت أن زيداً خارجٌ" وتسكت, كما سكتَّ على "ظننت أن زيداً خارجٌ".

* * *

قال الشارح: تقول "ليت أنّ زيدًا خارجٌ"، وتكتفي بـ "أنَّ" مع صلتها عن أن تأتي بخبرِ "لَيْتَ"؛ لأنها تدلّ على معنى الاسم والخبر لدخولها على المبتدأ والخبر، كما كانت "ظننت" وأخواتها كذلك، فجاز أن تقول: "ليت أنّ زيدًا خارجٌ"، كما تقول: "ظننت أن زيدًا خارجٌ"، ولا تحتاج إلى خبر؛ لأنّ الصلة قد تضمّنت الاسمَ والخبرَ، كما لم تحتج إلى ذلك المفعول الثاني؛ لأنك قد أتيتَ بذكرِ ذلك في الصلة، إذ المعنى: ظننت انطلاقًا من زيد.

وقياسُ مذهب الأخفش وتقديرِه مفعولًا ثانيًا من "ظننت" أن تُقدِّر في "ليت" خبرًا، ولا يجوز "ليت أن يقوم زيدٌ" وتسكت، حتى تأتي بخبر، فتقول: "ليت أن يقوم زيد خيرٌ له"؛ لأنها إنما تدخل على الفعل، وتعمل فيه، ولا تدخل على المبتدأ والخبر، ولذلك لم تَنُبْ عنهما بخلافِ "أنَّ" المشدّدةِ، فاعرفه.

[فصل ["لعل"]]

قال صاحب الكتاب: "لعل" هي لتوقع مرجو أو مخوف، وقوله عز وجل: {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} (٢) و {لعلكم تفلحون} (٣) ترج للعباد، وكذلك قوله عز وجل: {لعله يتذكر أو يخشى} (٤) , ومعناه: اذهبا أنتما على رجائكما ذلك من فرعون.

* * *

قال الشارح: "لَعَلَّ" تَرَجّ. قال سيبويه (٥): "لَعَلَّ" و"عَسَى" طَمَعٌ وإشفاقٌ، وهي


(١) تقدم بالرقم ١٤٦.
(٢) الشورى: ١٧.
(٣) البقرة: ١٨٩.
(٤) طه: ٤٤.
(٥) الكتاب ٤/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>