للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: "قُوَيْئِلٌ"، و"بُوَيْئِعٌ" بالهمز. لم يخالف في ذلك أحدٌ من أصحابنا، إلَّا أبو عمر الجَرميّ، فإنّه كان يقول: "قُوَيِّلٌ"، و"بُوَيِّعٌ" من غير همز، قال: لأنّ الهمزة في "قائل"، و"بائع" إنّما كان لاعتلال العين بوقوعها بعد ألف زائدة، وكانت مجاوِرةً للطرف، فهمزوها على حدّ الهمز في "عَطاء"، و"كِساء"، وأنت إذا صغّرت، زالت الألف، فعادت الهمزة إلى أصلها من الواو والياء على حدّ عَوْدها في "مُتعِدٍ"، و"مُتَّزِنٍ". وسيبويه وأصحابه اعتمدوا على قوّة الهمزة هنا بثبوتها في التكسير، نحوِ: "قَوائِمَ"، و"بَوائِعَ". وكل العرب تهمز الجمع، فلذلك كانت الهمزة في "قائلٍ" و"بائعٍ" لازمة، وإن كانت حدثت عن علّة.

ومن ذلك التاء في "تُخَمَةٍ"، و"تُكَلَةٍ"، و"تُراثٍ"؛ البدل فيه لازمٌ يثبت في التصغير والتكسير؛ لأنّ أصله الواوف "تُخَمَة" أصله "وُخَمَةٌ"؛ لأنّه من "الوَخَامَة"، و"تُكَلَةٌ" أصله "وُكَلَةٌ"؛ لأنّه من "تَوَكلْتُ". و"تُراثٌ" أصله: "وُراثٌ" لأنّه من "وَرِثْتُ"؛ لأنّه لم يكن لعلّةٍ إنّما كان لضرب من التخفيف. والتخفيفُ كما كان مطلوبًا في المكبَّر، كذلك هو مطلوب في المصغّر، بل هو في المصغّر أجدرُ؛ لأنّ التصغير يزيده ثِقَلًا بالزيادة فيه، فلذلك تقول: "تُخَيْمَة"، و"تكَيْلَةٌ"، و"تُرَيِّثٌ"، وذلك بإجماعٍ من أصحابنا.

وأما "أُدَدٌ" وهو أبو قبيلة من اليَمَن، وهو أدد بن زيد بن كَهْلانَ بن سَبَأ، فقد جاء مصروفًا، كأنّهم جعلوه من باب "نُقَبٍ"، ولم يجعلوه معدولًا، وهمزتُه بدلٌ في واو، وأصلُه: "وُدَدٌ" من "الوِدّ"، وإنّما قلَبوا واوَه همزةً لانضمامها على حدِّ "وُقَّتَتْ"، و"أُقِّتَتْ". والتصغير على البدل: "أُدَيدٌ"؛ لأنّها مضمومة أيضًا في التصغير، فالعلّةُ الموجبةُ للقلب في المكبّر موجودةٌ في المصغّر.

وأمّا "عِيدٌ"، و"أعْيادٌ"، فإنّه وإن كان البدلُ فيه لعلّة، إذ أصلْه الواو؛ لأنّه من "العَوْد"، وإنّما قُلبت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها، فكان القياس أن تعود إلى الواو في التصغير لتحرُّكها على حدّ عَودها في "مُوَيْزِينٍ"، و"مُوَيْعِيدٍ". وإنّما لزم البدلُ لقولهم في التكسير: "أعْيادٌ"، كأنّهم كرهوا "أعْوادًا"؛ لئلا يلتبس بجمع "عُودٍ"، فاعرفه.

فصل [تصغير ما ثالثه واوٌ وسطًا]

قال صاحب الكتاب: والواو إذا وقعت ثالثة وسطاً كواو "أسود", و"جدول"، فأجود الوجهين: "أسيد" و"جديل"، ومنهم من يظهر فيقول أسيود وجديول.

* * *

قال الشارح: الواو إذا وقعت حشوًا، فلا تخلو من أن تكون ثانيةً، أو ثالثةً، فإذا كانت ثانية نحوَ: "جَوْزَةٍ"، و"لَوْزَةٍ"، فإنّها لا تُغيَّر في التصغير؛ لأنّها تُحرَّك بالفتح في التحقير، وتقع الياء ساكنةٌ بعدها، فتقول: "جُوَيْزَةٌ"، و"لُوَيْزَةٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>