للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [سقوط همزة الوصل في الدرج نطقًا]

قال صاحب الكتاب: وإثبات شيء من هذه الهمزات في الدرج خروج عن كلام العرب, ولحن فاحش، فلا تقل: "الإسم" و"الإنطلاق" و"الإقتسام" و"الإستغفار" و"من إبنك" و"عن إسمك". وقوله [من الطويل]:

إذا جاوز الإثنين سرٌّ (١)

من ضرورات الشعر.

* * *

قال الشارح: يريد أنّ هذه الهمزات إنّما جيء بها وصلةً إلى الابتداء بالساكن، إذ كان الابتداءُ بالساكن ممّا ليس في الوُسْع. فإذا تقدّمها كلامٌ، سقطت الهمزةُ من اللفظ، لأن الكلام المتقدّم قد أغنى عنها، فلا يقال: "الإسْمُ" بإثبات الهمزة؛ لعدم الحاجة إليها؛ لأنّ الداعي إلى الإتيان بها قد زال، وهو الابتداءُ بساكن. وكذلك سائرُ ما ذكره من "الانطلاق" و"الاقتسام". قال: "فإثبات الهمزة في هذه الأسماء لحن"، لأنّه عدولٌ عن كلام العرب وقياسِ استعمالها، وكان زيادة من غير حاجة إليه. ونظيرُ ذلك هاء السكت من نحو: "عِهْ" و"شِهْ"، أُتي بها وصلةً إلى الوقف على المتحرّك، فإذا وُصل بكلام بعده، سقطت الهاء، فهذه الزيادةُ في هذا الطرف كذلك الزيادةُ في الطرف الآخر. قال: فأمّا قوله [من الطويل]:

إذا جاوز الإثْنينِ سِر

فمن ضرورات الشعر، فإنّه أورده إذ كان ناقضًا لهذه القاعدة، إذ قد أثبت الشاعر الهمزةَ مع تقدُّم لام التعريف. البيت لقَيْس بن الخَطِيم، وقيل له: خطيمٌ لضَرْبَةٍ كانت بأنفه. وتمامُه.

بنَشْرٍ وإفْشاءِ الحَدِيثِ قَمِينُ

ومثله قول الآخر [من السريع]:

لا نَسَبَ اليَوْمَ ولا خُلَّةً ... اتّسَعَ الخَرْقُ على الراقع (٢)

فأثبت همزةَ "اتَّسَعَ" في حال الوصل ضرورةً، وهو ها هنا أسهل، لأنه في أوّل النصف الثاني، فالعربُ قد تسكت على أنصاف الأبيات، وتبتدىء بالنصف الثاني، فكأنّ الهمزة وقعت أوّلاً، فاعرفه.

* * *


(١) تقدم بالرقم ١١٩١.
(٢) تقدم بالرقم ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>