للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب الكتاب: ولكن همزة حرف التعريف وحدها إذا وقعت بعد همزة الاستفهام لم تحذف، وقلبت ألفاً لأداء حذفها إلى الإلباس (١).

* * *

قال الشارح: أمرُ هذه الهمزة مخالفٌ لِما أصّلناه, لأنّ ألف الاستفهام إذا دخلت على همزة الوصل، سقطت ألفُ الوصل، نحو قوله تعالى: {أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، وقوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} (٣)؛ لأن الغُنْية قد حصلت بهمزة الاستفهام عن همزة الوصل، ولم يُؤدِّ حذفُها إلى لبسٍ؛ لأنّ ألف الاستفهام مفتوحةٌ وألف الوصل مكسورةٌ. فأمّا الألف التي مع اللام، فإنّها لا تسقط؛ لئلّا يلتبس الاستخبارُ بالخبر، لأنّهما مفتوحتان، بل تُبدِّلْها ألفًا، نحو قوله: {آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} (٤)، و {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} (٥). فلو حذفت، لوقع لبسٌ، ولا يُعْلَم هل هي الاستفهاميّةُ، أم التي مع لام التعريف، فلذلك ثبتت وشُبّهت بألف "أَحْمَرَ"لثبوتها، قال الشاعر [من الوافر]:

١٢٥٧ - أَأَلخَيرُ الّذي أَنَا أَبْتَغيهِ ... أَمِ الشَّرُّ الذي لا يَأْتَلِينِي


(١) أي: لو حذفت الهمزة في قولك: "آلولد جاء"؟ فقيل: "الولد جاء"؟ لم يُعرف ما إذا كانت الهمزة الباقية هي الاستفهامية أم التي مع لام التعريف.
(٢) البقرة: ٨٠.
(٣) الصافات: ١٥٣.
(٤) الأنعام: ١٤٣.
(٥) النمل: ٥٩.
١٢٥٧ - التخريج: البيت للمثقب العبدي في خزانة الأدب ١١/ ٨٠، ٨٤؛ وشرح اختيارات المفضل ص١٢٦٧.
اللغة والمعنى: يأتليني: يقسم بي.
لا يدري ما هو مقدّر له في عالم الغيب: أهو الخير الذي يريده ويتمنّاه، أم الشر الذي لا يتركه.
الإعراب: "أألخير": الهمزة: حرف استفهام لا محلّ له، "الخير": مبتدأ مرفوع بالضمّة. "الذي": اسم موصول مبني في محلّ رفع صفة. "أنا": ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ. "أبتغيه": فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء للثقل، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنا. "أم": حرف تسوية واستفهام وعطف. "الشر": مبتدأ مرفوع بالضمّة، وخبره محذوف بتقدير: أم الشرُّ جزائي. "الذي": اسم موصول مبني في محلّ رفع صفة. "لا": حرف نفي. "يأتليني": فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء، والنون للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني في محلّ نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو.
وجملة "الخير جزاني": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب، وعطف عليها جملة "الشرّ جزائى". وجملة "أنا أبتغيه". صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب، وكذلك جملة "لا يأتليني". وجملة "أبتغيه": في محلّ رفع خبر لـ"أنا".
والشاهد فيه قوله: ""أألخير" حيث قلب ألف "أل" همزة كي لا تسقط وتُحذف، فيقع لبس، فلا يُعلم أهي للاستفهام أم للتعريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>