للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [تعريف الاسم وخصائصه]]

قال صاحب الكتاب: "الاسم ما دلّ علي معني في نفسه, دلالة مجرَّدة عن الاقتران, وله خصائص, منها: جواز الإسناد إليه, ودخول حرف التعريف, والجرُّ, والتنوين, والإضافة".

* * *

قال الشارح: قد أكثر الناسُ في حدّ الاسم؛ فأمّا سيبويه فإنّه لم يحدّه بحدٍّ ينفصِل به من غيره، بل ذَكَر منه مَثَلًا، اكتفى به عن الحدّ، فقال: "الاسمُ: رجلٌ، وفرسٌ" (١)، وكأنّه لمّا حدّ الفعلَ والحرفَ تميَّز عنده الاسمُ. ونحا أبو العبّاس (٢) قريبًا من ذلك، فقال: "فأمّا الأسماء فما كان واقعًا على معانٍ، نحو: رجل، وفرس، وزيد" (٣). وقد حدّه أبو بكر محمّد بن السَّريّ، فقال: "الاسمُ ما دلّ على معنّى مفردٍ"، كأنّه قصد الانفصال من الفعل، إذ كان الفعل يدلّ على شيئين: الحَدَثِ والزمانِ.

فإن قيل: "اليوم" و"الليلة" قد دلّت على أَزمنةٍ، فما الفرقُ بينهما وبين الفعل؟ قيل: "اليومُ" مفردٌ للزمان، ولم يُوضَعْ مع ذلك لمعنى آخرَ، والفعلُ ليس زمانًا فقط.

فإن قيل: فـ "أَيْنَ" و"كَيْفَ" و"مَنْ" أسماءٌ دلّت على شيئين الاسميّةِ والاستفهامِ، وهذا قادحٌ في الحدّ. فالجوابُ: أنّ هذا إنمّا يكون كاسرًا للحدّ إن لو كان الاسمُ على بابه من الاستعمال، فأمّا وقد نُقل عن بابه، واستُعمل مكانَ غيره على طريق النيابة، فلا؛ وذلك أنّ "مَن" يدلّ على معنى الاسميّة بمجرَّدها، واستفادة الاستفهام إنمّا هو من خارج، من تقدير همزة الاستفهام معها، فكأنّك إذا قلت: "مَنْ عندَك؟ " أصلُه "أَمَنْ عندك؟ " فهما في الحقيقة كلمتان: الهمزةُ، إذ كانت حرف معنًى، و"من" الدالّةُ على المسمّى. لكنّه لمّا كانت "مَنْ" لا تُسْتعمل إلّا مع الاستفهام، استغني عن همزة الاستفهام للزومها إيّاها، وصارت "مَنْ" نائبةً عنها، ولذلك بُنيت؛ فدلالتُها على الاسميّة دلالةٌ لفظيّةٌ، ودلالتُها على الاستفهام من خارجٍ.


(١) الكتاب ١/ ١٢.
(٢) هو أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد.
(٣) المقتضب ١/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>