للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} (١)، والجوابُ محذوف، والتقدير: إنّ الأمر كذا وكذا، قال أبو العبّاس المبرّد: وأمّا "ذا"، فهو الشيء الذي يُقْسَم به، والتقدير: لا والله هذا ما أُقسِمُ به، فحُذف الخبر. وقال أبو الحسن: هو من جملة الجواب، وهو خبرُ مبتدأ محذوف، والتقدير: لا واللهِ الأمرُ ذا.

ويجوز في ألفِ "ها" وجهان: أحدهما إثباتُ الألف وإن كان بعدها ساكنٌ، إذ كان مدغمًا فهو كـ"دابّةٍ" و"شابّةٍ" والوجه الثاني أن تحذف الألفَ حين وصلتَها وجعلتها عوضًا من الواو، كما فعلت ذلك في "هَلُمَّ"، فتقول: "هاللهِ". وبعضهم يحتجّ بأن "ها" على حرفَيْن، فكان تقديره تقدير المنفصل، كقولك: "يخشى الداعي"، و"يغزو الجَيْشُ"، فيحذف الألف والواو؛ لأن بعدهما المدغم، وهو منفصل من "ها". والمنفصلُ إذا حُذف منه حرف المدّ لالتقاء الساكنين، لم يقع به اختلالٌ، كما لو حذفتها من الكلمة الواحدة، إذ اجتماعُ الساكنين في الكلمة الواحدة يقع لازمًا، فيختلّ بناء الكلمة، وليس كذلك في الكلمتَيْن.

وقالوا: "أاللهِ لتفعلنّ" , فجعلوا ألفَ الاستفهام عوضًا من حرف القسم, لأنّك لمّا احتجت إلى الاستفهام، وكان من شأن القسم أن يقع فيه العوضُ، جعلتَ ألف الاستفهام عوضًا، وكان ذلك أوجز من أن يأتوا بحرفَيْن: أحدهما ألفُ الاستفهام، والآخر المعوَّضُ. والذي يدلّ أنّها عوضٌ ما ذكرناه من أنّها مُعاقِبة لحرف القسم، فلا تُجامِعه.

وقالوا أيضًا: "أَفأَللَّهِ لتفعلنّ"، فجعلوا الألف عوضًا، وتقطعها كما مددتَها في {آلذَّكَرَيْنِ} (٢) لتفرق بين الأمريَنْ: الخبر والاستخبار، كذلك تفرق ها هنا بقطع الهمزة بين العوض وتَرْكه.

[فصل [الواو العاطفة بعد واو القسم]]

قال صاحب الكتاب: والواو الأولى في نحو: {والليل إذا يغشى} (٣) للقسم, وما بعدها للعطف, كما تقول: "بالله فالله وبحياتك ثم حياتك, لأفعلنَّ".

* * *

قال الشارح: أما قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (٤) ,فإنّ الواو الأولى للقسم وما بعدها من الواوات فللعطف والجواب: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} (٥) ولو كانت الواوات جُمَعُ هنا للقسم, لاحتاج كلُّ واحد إلى جواب؛ لأنها أقسامٌ منفصلةٌ لم


(١) المجادلة: ٧.
(٢) الأنعام: ١٤٣، ١٤٤.
(٣) الليل:١.
(٤) الليل: ١ - ٣.
(٥) الليل:٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>