للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمير متصلًا، فلمّا حُذف الفعل، فُصل الضمير منه، وأُتي بالمنفصل الذي هو "أنتم"، وأجري مُجْرَى الظاهر.

ومن كلامِ حاتم "لو ذاتُ سِوارٍ لطمَتني" على تقديرِ: "لو لطمتني ذات سوار لطمتني". ولاقتضاءِ "لَو" الفعل إذا وقع بعدها "أنَّ" المشدَّدةُ، لم يكن بدّ من فعل في خبرها، نحوِ قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا} (١)، ونحو قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} (٢). وذلك أن الخبر محل الفائدة، و"أنَّ" إنما أفادت تأكيدًا، ومعتمَدُ الامتناع إنّما هو خبرُ "أنَّ"، فلذلك وجب أن يكون فعلاً محضًا قضاءً لحقِّ "لَوْ" في اقتضائها الفعلَ، ولو قلت: "لو أن زيدًا حاضري"، أو نحوَ ذلك من الأسماء، لم يجز، كما أنّك لو قلت: "لو زيدٌ حاضرٌ" أو نحو ذلك، لم يجز، فاعرفه.

[فصل [مجيء "لو" للتمني]]

قال صاحب الكتاب: وقد تجيء "لو" في معنى التمني, كقولك: "لو تأتيني فتحدثني"، كما تقول: "ليتك تأتيني" ويجوز في "فتحدثني" النصب والرفع. قال الله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} (٣) , وفي بعض المصاحف "فيدهنوا" (٤).

* * *

قال الشارح: قد تقدّم أنّ "لو" قد تُستعمل بمعنى "أَنْ" للاستقبال، فحصل فيها معنى التمنّي؛ لأنه طلبٌ، فلا تفتقر إلى جواب، وذلك نحوُ:"لو أعطاني ووَهَبَني". والتمنيّ نوعٌ من الطلب، والفرقُ بينه وبين الطلب أنّ الطلب يتعلق باللسان والتمنّي شيءٌ يهجِس في القلب، يقدّره المتمني، فعلى هذا تقول: "لو تأتيني فتُحدثُني" بالرفع والنصب، فالرفع على الاستئناف، والنصبُ على تخيُّل معنى التمنّي، كما تقول: "لَيْتَك تأتيني فتحدّثَني". وعليه قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} (٥). وحكى سيبويه (٦) إنها في بعض المصاحف: "فيُذهِنوا" بالنصب. وتقدّم الكلام على ذلك مُشبَعًا في نواصب الأفعال المستقبلة، فاعرفه.

[فصل [تضمن "أما" معني الشرط]]

قال صاحب الكتاب: و"أما" فيها معنى الشرط, قال سيبويه (٧): إذا قلت: "أما زيدٌ


(١) البقرة: ١٠٣.
(٢) الرعد: ٣١.
(٣) القلم: ٩.
(٤) انظر: البحر المحيط ٨/ ٣٠٩؛ وتفسير الرازي ٣٠/ ٨٣.
(٥) القلم: ٩.
(٦) الكتاب ٣/ ٣٦.
(٧) الكتاب ٤/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>