للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر [من الرمل]:

١١٨٤ - صَعْدَة نابِتَةٌ في حائِرٍ ... أيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ

فظهورُ الجزم في الفعل المضارع بعد الاسم يدل أن الفعل الماضي إذا وقع بعدها الاسمُ، فموقعه مجزومٌ. وذهب الفرّاء من الكوفيين إلى أنّ الاسم من نحوِ {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} و {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} مرتفعٌ بالضمير الذي يعود إليه من "هلك"، و"استجارك"، كما يكون في قولك: "زيدٌ استجارك".

وأمّا "لَوْ" فإذا وقع بعدها الاسم وبعده الفعلُ، فالاسمُ محمولٌ على فعلِ قبله مضمر يفسّره الظاهرُ، وذلك لاقتضائها الفعلَ دون الاسم، كما كان في "إنْ" كذلك. وهذا محقَّق لها شَبَهًا بأداة الشرط، فحكمُها في هذا حكمُ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} (١)، و {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} (٢). قال الله تعالى: {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} (٣)، فقولُه: "أنتم" فاعلُ فعل دلّ عليه "تملكون" هذا الظاهرُ، والتقديرُ: "لو تملكون خزائن تملكون". وكان هذا


١١٨٤ - التخريج: البيت لكعب بن جعيل في خزانة الأدب ٣/ ٤٧؛ والدرر ٥/ ٧٩؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ١٩٦؛ والمؤتلف والمختلف ص ٨٤؛ وله أو للحسام بن ضرار في المفاسد النحوية ٤/ ٤٢٤؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩/ ٣٨، ٣٩، ٤٣؛ وشرح الأشمونى ٣/ ٥٨٠؛ والكتاب ٣/ ١١٣؛ ولسان العرب ٤/ ٢٢٣ (حير)؛ والمقتضب ٢/ ٧٥؛ وهمع الهوامع ٢/ ٥٩.
اللغة. الصعدة: القناة التي تنبت مستوية. الحائر: المكان الذي يكون وسطه منخفضًا وحروفه مرتفعة عالية.
المعنى: شبه امرأة بقناة مستوية لدنة، قد نبتت في مكان مطمئن الوسط مرتفع الجوانب، والريح تعبث بها، وهي تميل مع الريح.
الإعراب: "صعدة": خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالضمة. "نابتة": صفة مرفوعة بالضمة."في حائر": جار ومجرور بالكسرة متعلّقان بـ "نابتة". "أينما": اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بـ "تَمِلْ". "الرّيح": فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده. "تميلها": فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم السكون، و"ها": ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هي. "تمل": فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط وعلامة الجزم السكون، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هي.
جملة "هي صعدة": بحسب ما قبلها. وجملة "أينما الريح تميلها تملْ": في محل رفع صفة. وجملة "الريح وفعلها المحذوف": في محل جرّ بالإضافة. وجملة "تميّلها": تفسيرية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "تملْ": جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "أينما الريحُ تُمَيِّلها" حيث جزم الفعل "تميّلْها"، فدلّ على أن موضع الفعل الماضي جَزم إذا أتى بعد الشرط.
(١) الانشقاق: ١.
(٢) النساء: ٧٦.
(٣) الإسراء: ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>