للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: قوله: "والمشبَّه بالمفعول منها هو الأوّل"، يريد المستثنى من الموجَب، نحوَ قولك: "قام القومُ إلّا زيدًا", لأنّ الاستثناء جاء بعدما تَمَّ الكلامُ بالفاعل، كما يأتي المفعولُ كذلك، نحوَ قولك: "ضرب زيدٌ عمرًا".

قوله: "والثاني في أحدِ وجهَيْه"، يريد به ما يجوز من النصب والبدل في المستثنى من المنفيّ التامّ، نحوَ قولك: "ما جاءني أحدٌ إلّا زيدٌ"، فإنّه يجوز فيه النصب على أصل الباب، وهو المشبَّهُ بالمفعول والبدلُ، والفرق بين البدل والنصب في قولك: "ما قام أحد إلّا زيد" أنّك إذا نصبت، جعلت معتمَدَ الكلام النفيَ، وصار المستثنى فضلةً، فتنصبه كما تنصب المفعول به، وإذا أبدلتَه منه، كان معتمدُ الكلام إيجابَ القيام لزيد، وكان ذكرُ الأوّل كالتَّوْطئة، كما ترفع الخبرَ, لأنّه معتمدُ الكلام، وتنصب الحالَ لأنّه تَبِيعٌ للمعتمد في نحوِ: "زيدٌ في الدار قائمًا".

وقوله: "وله شَبَهٌ خاصٌّ بالمفعول معه"، يريد أنّ الفعل كما لم يتعدّ إلى المفعول معه إلّا بواسطةِ الواو، وتقوِيَتِه، كذلك "إلّا" تقويةٌ للفعل قبلها, لا يتعدّى إلى المستثنى إلّا بواسطتها, وليس واحدٌ منهما عاملًا فيما دخلا عليه فاعرفه.

* * *

[[حكم غير]]

قال صاحب الكتاب: "وحكم "غير" حكم الأسم الواقع بعد "إلا": تنصبه في الموجب, والمنقطع, وعند التقديم, وتُجيز فيه البدل والنصب في غير الموجب, وقالوا: إنما عمل فيه غير المتعدي لشبهه بالظرف لإبهامه".

* * *

قال الشارح: لمّا كانت "إلّا" حرفًا لا يعمل شيئًا، ولا يعمل فيه عاملٌ، وكان ما قبلها مقتضِيًا لِما بعدها، تَخَطَّى عملُ ما قبلها إلى ما بعدها، فعمِل فيه، كقولنا: "ما قام إلّا زيدٌ"، و"ما رأيت إلّا زيدًا"، و"ما مررت إلّا بزيد".

و"غَيْرٌ" اسمٌ تعمل فيه العواملُ، وما بعدها لا يعمل فيه سِواها, لأنّ إضافتها إليه لازمةٌ، فصار الإعرابُ الواجبِ للاسم الواقع بعد "إلَّا" حاصلًا في نفس "غَيْرٍ"، فإذا استثنيتَ بها من موجَبٍ، نصبتَ، نحوَ قولك: "قام القومُ غيرَ زيدٍ"، كما نصبت ما بعد "إلّا"، نحوَ: "قام القوَمُ إلّا زيدًا"، وكذلك إذا كان الثاني منقطعًا ليس من جنسِ الأوّل، كقولك: "جاءني القومُ غيرَ حمارٍ"، كما تقول: "إلّا حمارًا". وكذلك إذا قدّمتَه على المستثنى منه، نحوَ قولك: "ما جاءني غيرَ زيدٍ أحدٌ"، كما قلت: "ما جاءني إلّا زيدًا أحدٌ". وتقول: "ما جاءني أحد غيرُ زيدٍ"، فيجوز في "غير" الرفعُ والنصبُ، كما كان ذلك جائزًا مع "إلّا".

<<  <  ج: ص:  >  >>