قال صاحب الكتاب:"الكلام في المُعْرَب، وإن كان خليقاً, من قِبَلِ اشتراك الاسم والفعل في الإعراب, بأن يقع في القسم الرابع، إلا أن اعتراض موجبين صوّب إيراده في هذا القسم. أحدهما: أن حق الإعراب للاسم في أصله, والفعل إنما تطفل عليه فيه بسبب المضارعة. الثاني أنه لا بد من تقدم معرفة الإعراب للخصائص في سائر الأبواب".
* * *
قال الشارح: اعلم أن المُعْرَب يفيد الكلمةَ والإعرابَ؛ فالكلمةُ ذات المعرَب التي وقع بها الإعرابُ، اسمًا كان أو فعلًا، إلَّا أن دلالته على الكلمة دلالةُ تسميةٍ ومطابَقةٍ، ودلالتَه على الإعراب دلالةُ التزامٍ؛ فهو من خارجٍ من جهة الاشتقاق، إذ كان من لفظه.
والمراد بالمعرَب ما كان فيه إعرابٌ، أو قابلًا للإعراب. وليس المراد منه أن يكون فيه إعرابٌ لا محالةَ. ألا ترى أنك تقول في "زيد" و"رجل": إنّهما معربان، وإن لم يكن فيهما في الحال إعرابٌ, لأن الاسم إذا كان وحدَه مفردًا من غير ضميمةٍ إليه، لم يستحقّ الإعرابَ, لأن الإعراب إنّما يؤتَى به للفرق بين المعاني، فإذا كان وحده، كان كصَوْتٍ تصوت به، فإن ركّبته مع غيره تركيبًا تحصل به الفائدةُ، نحوَ قولك:"زيدٌ منطلقٌ، وقام بكرٌ"، فحينئذ يستحق الإعرابَ لإخبارك عنه.
وقدّم الكلامَ على المعرب قبل الاعراب، وإن كان المعرب مشتقًّا من الإعراب، والمشتقُّ منه قبل المشتقّ؛ وذلك من قِبَلِ أنّه لمّا كان المعربُ يقوم بنفسه من غير إعرابٍ، والإعرابُ لا يقوم بنفسه، صار المعربُ كالمَحلّ له، والإعراب كالعَرَض فيه، فكما يلزم تقديمُ المَحلّ على الحال، كذلك يلزم تقدمُ المعرب على الإعراب.
واعلم أنّه لمّا رتّب كتابَه أربعةَ أقسام: قِسْمًا في الأسماء، وقسمًا في الأفعال، وقسمًا في الحروف، وقسمًا في المشترَك، قَضَتِ القسمةُ بإيراد الكلام على المعرب في قسم المشترك، من حيث كان يشترِك فيه الاسمُ والفعلُ، فاعتذر عن الوَفاء بذلك بأمرَيْن: