للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاضلُ". وتقول في الصفة بالمضاف: "هذا الرجلُ صاحبُ المال"، و"رأيت الأميرَ ذا العَدْلِ"، و"مررت بالغلام ذي الفضل". ولا يوصَف ما فيه الألفُ واللام بغير ذَيْنك؛ لأنّه أقربُ إلى الإبهام من سائرِ المعارف. ألا تراك تصفُه بما تصف به النكراتِ، فتقول: "مررت بالرجل مثلِك"، و"إني لأمرُّ بالغلام غيرِك، فيُكْرِمُني؟ "

فأمّا المضاف إلى المعرفة، فإنّه يوصف بالمضاف إلى مثله في التعريف، وبالمضاف إلى ما هو أبهمُ منه على حسب الفائدة المذكورةِ، وبما فيه الألفُ واللام، وبالأسماء المبهمةِ، نحو: "مررت بصاحبكَ أخي زيدٍ، وصاحبِ هذا، والكريمِ". ولا تقول: "مررت بغلامِ زيدٌ أخيك"؛ لأنه أخصُّ من الموصوف، فاعرفه.

[فصل [حكم الموصوف بالنسبة إلي الصفة في الخصوصية]]

قال صاحب الكتاب: ومن حق الموصوف أن يكون أخص من الصفة أو مساوياً لها ولذلك امتنع وصف المعرف باللام بالمبهم وبالمضاف إلى ما ليس معرفاً باللام لكونا أخص منه.

* * *

قال الشارح: قد تقدّم قولنا: إنّ الصفة ينبغي أن تكون وَفْقَ الموصوف، فإن كان الموصوف نكرةً، فصفتُه نكرةٌ. وإن كان معرفةً، فصفتُه معرفةٌ. ولا تكون الصفة أخصَّ من الموصوف، إنّما يوصَف الاسمُ بما هو دونه في التعريف، أو بما يُساوِيه. وذلك لوجهَيْن: أحدهما أنّ الصفة تَتِمَّةٌ للموصوف، وزيادة في بيانه. والزيادةُ تكون دون المَزيد عليه، وأمّا أن تَفُوقه، فلا، فإذًا وجه الكلام أن تبدأ بالأعرف، فإن كَفَى، وإلا أتبعتَه ما يزيده بيانًا.

وأمّا الوجه الثاني، فإنّ الصفة خبرٌ في الحقيقة، ألا ترى أنّه يحسُن أن يقال لمن قال: "جاءني زيدٌ الفاضلُ": كذبتَ فيما وصفتَه به، أو صدقتَ، كما يحسن ذلك في الخبر، وإذا كانت خبرًا، فكما أنّ الخبر لا يكون إلَّا أعمَّ من المُخبَر عنه، أو مساوِيًا له، فالأوّلُ نحو: "زيدٌ قائمٌ والثاني نحو: "الإنسانُ بَشَرٌ"، إلا أن الفرق بينهما أنّك في الصفة تذكُر حالًا من أحوالِ الموصوف لمن يعرِفها تعريفًا له عند توهُّمِ الجَهالة بالموصوف، وعدم الاكتفاء بمعرفته، وفي الخبر إنّما تُذكَر لمن يجهَلها، فتكون هي محلَّ الفائدة، فلذلك تقول: "مررت بزيدٍ الطويلٍ"، والطويلُ نعتٌ لزيد، وهو أعمُّ منه وحدَه، إذ الأشياء الطِّوالُ كثيرةٌ، وزيدٌ أخصُّ من الطويل وحدَه.

فإن قيل: فكيف تكون الصفةُ بيانًا للموصوف، وهي أعمُّ منه؟ قيل: البيانُ منه إنّما حصل من مجموع الصفة والموصوفِ؛ لأنّ مجموعهما أخصُّ من كلّ واحد منهما منفردًا، فـ "زيدٌ الطويلُ" أخصُّ من "زيد" وحدَه، ومن "الطويل" وحده، ولذلك كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>