وهو فاسد لِما ذكرناه من أن التمييز لا يكون إلَّا نكرة، لأنّك إذا قلت:"الخمسة عشر درهمًا" فالعدد معلوم؛ كأنك قلت: أخذت الخمسة عشر درهماً التي عرفتَ. و"الدرهم" غير معلوم مقصودٌ إليه، وإنّما هو بمنزلة قولك "كل رجل يأتيني فَلَهُ درهمٌ"، فالمراد: كل من يأتيني من الرجال واحدًا واحدًا فله درهم، ولو قلت:"كلّ الرجلِ"، استحال المعنى.
وأمّا العدد المفرد، نحو:"عشرين"، و"ثلاثين" فما فوقهما إلى "تسعين"، فتعريفُه بإدخال الألف واللام على العدد، نحوِ:"العشرين" و"الثلاثين"، كما تقول:"الضاربون زيدًا"، ولا يجوز "العشرون الدرهم" إلَّا على المذهب الضعيف، ووجهُ ضَعْفِه ما ذكرناه في "الخمسة عشر درهمًا". ووجهٌ آخر أن ما بعد النون منفصلٌ ممّا قبله؛ لأن "درهمًا" بعد "عشرين" منفصلٌ من "العشرين"، فلا يتعرّف العدد بتعريفه، وليس كذلك "ثلاثة"، و"أربعة" ونحوهما ممّا يُضاف، فإن الثاني متَصلٌ بالأوّل من تمامه، فيُعرَّف المضاف بتعريف المضاف إليه، فلذلك إذا أُريد تعريف العدد المفرد، عُرّف نفسه بخلاف المضاف.
فأمّا "المائة" و"الألف" فحكمهما حكمُ العقد الأول، نحو:"مائة درهم"، و"مائة الدرهم"، و"ألف درهم"، و"ألف الدرهم"؛ لأن التنوين ليس لازمًا لـ"المائة" و"الألف"، كما لم يكن لازمًا لِـ"الثلاثة" و"الأربعة" ونحوهما من العقد الأول. وهذا حكم كلّ إضافة طالت أو قصرت، فإنّك تعرّف الاسم الأخير، ويسري تعريفُه إلى الاسم الأوّل، فتقول:"ما فعلت مائةُ ألفِ الدرهمِ"، وعلى ذلك فقِسْ.
[فصل [العدد الترتيبي]]
قال صاحب الكتاب: وتقول الأول والثاني والثالث، والأولى والثانية والثالثة إلى العاشر والعاشرة والحادي عشر والثاني عشر، بفتح الياء وسكونها، والحادية عشرة والثانية عشرة والحادي قلب الواحد والثالث عشر إلى التاسع عشر، تبني الاسمين على الفتح كما بنيتهما في أحد عشر.
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ هذا الفصل يشتمل على اسم الفاعل المشتق من أسماء العدد، والأوَّلُ ليس من ذلك، وإنّما ذكره لأنّه يكون صفة كما يكون "ثانٍ"، و"ثالثٌ" ونحوهما صفات. فـ"الأوَّلُ" فهو من مضاعَف الفاء والعين، ولم يُشتق منه فِعْلٌ، وإنّما جاء من ذلك أسماءٌ يسيرةٌ. قالوا:"كَوْكَبٌ"، و"دَدَنٌ".
والذي يدل أنه "أفْعَلُ" أنّه قد جاء مؤنّثُه على "الفُعْلَى"، نحوِ "الأُولَى"، كـ"الأكْبَر"، و"الكُبْرَى"، و"الأطْوَل"، و"الطُولَى" فالهمزة في "أوَّل" زائدةٌ بإزائها في