للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاحب الكتاب جعل هذا الغالي قسمًا غيرَ الأوّل. والصواب أنّه ضربٌ منه، ويجمعهما الترنّمُ، إذ الأوّل إنّما يلحق القوافى المطلقَةَ مُعاقِبًا لحروف الإطلاق. والثاني- وهو الغالي- إنّما يلحق القوافي المقيّدةَ.

وقد أخَلَّ بتنوين المقابَلة، وهو قسمٌ من أقسام التنوين ذكره أصحابُنا. وذلك أن يكون في جماعة المؤنّثُ مُعادِلاً للنون في جماعة المذكّر. وذلك إذا سُمّي به، نحوُ امرأة سمّيتها بـ "مُسْلِماتٍ" ففيها التعريفُ والتأنيثُ، فكان يجب أن لا يُنوَّن لاجتماع علّتَين فيه، لكن التنوين فيه بإزاء النون التي تكون في المذكّر من نحو قولك: "المسلمون"، فسمّوه بتنوينِ مقابلة لذلك. وذلك قولك إذا سمّيت رجلاً بـ "مسلماتٍ" أو"قائمات" قلت: "هذا مسلماتٌ"، و"رأيت مسلماتٍ" و"مررت بمسلماتٍ"، فتُثْبِت التنوين هنا كما أنّك إذا سمّيت رجلاً بـ "مسلمون" قلت: "هذا مسلمون"، و"رأيت مسلمين"، و"مررت بمسلمين". فالتاء في "مسلماتٌ" بمنزلة الواو في "مسلمون"، كما أن التاء والكسوة بمنزلة الياء في "مسلمين"، فالتنوينُ في "مسلماتٍ" اسم رجل معرفةً ليس عَلَمًا للصرف بمنزلة تنوين "بكرٍ" و"زيدٍ". ولو كان مثله، لزال عند التسمية. قال الله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} (١). وقال الشاعر [من الطويل]:

تَنَورَّتُها من أذرِعاتِ وأهلُها ... بيَثرِبَ أدْنَى دارَها نظرٌ عالِي (٢)

وقد أنشده بعضهم: "أذرعاتِ"، بغير تنوين، شَبَّهَ تاء الجمع بهاء الواحدة، فلم ينوّن للتعريف والتأنيث، فاعرفه.

[فصل [التقاء التنوين بساكن]]

قال صاحب الكتاب: والتنوين ساكن أبداً إلا أن يلاقي ساكناً آخر, فيُكسَر أو يضم, كقوله تعالى: {وَعَذَابٍ ارْكُضْ} (٣) , وقرىء بالضم (٤). وقد يحذف, كقوله [من المتقارب]:

فألفيته غير مستعتبٍ ... ولا ذاكر الله إلا قليلاً (٥)


= وجملة "ورب منهل ... ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "وردته": في محل جرّ صفة (على اللفظ) أو رفعها (على المحل).
والشاهد فيه قوله: "طامٍ خالْ" حيث جاءت اللام الساكنة زائدة على الوزن الشعري.
(١) البقرة: ١٩٨.
(٢) تقدم بالرقم ٨٧.
(٣) ص: ٤١ - ٤٢.
(٤) هي قراءة ابن عامر، والكسائي، وابن كثير، ونافع.
انظر: اتحاف فضلاء البشر ٣٧٢؛ ومعجم القراءات القرآنية ٥/ ٢٦٧.
(٥) تقدم بالرقم ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>