المفعول، و"رَطْلٌ زيتًا"، ونحوُه بمنزلةِ "ضاربٌ زيدًا"، ونحوِه من أسماء الفاعلين. وذلك من حيثُ إنّه مفردٌ. فإذا نوّنتَه، نصبتَ ما بعده. وإذا أزلتَ التنوينَ، خفضتَ ما بعده، وهو يقتضي ما بعده من النوع المميّزِ، كما أنّ اسم الفاعل إذا نوّنتَه، نصبتَ به، نحوَ:"ضاربٌ زيدًا". وإذا حذفتَ التنوينَ، خفضتَ، نحوَ:"ضاربُ زيدٍ". وهو يقتضي ما بعده من المفعول، فلذلك وجب أنّ يعمل "الراقودُ"، و"الرطلُ"، وإن كانا من الأسماء الجامدة. و"منوان"، و"قفيزان" بمنزلةِ "ضاربان" من الجهة المذكورة، و"عشرون"، و"ثلاثون" ونحوُهما بمنزلةِ "ضاربون" من حيثُ إنه مجموعٌ بالواو والنونِ، كما أنّ "ضاربون" كذلك. وتسقُط نونُه للإضافة، ويقتضي المفسّرَ بعدها على ما تقدّم.
وقولك:"مِلءُ الإناء ماءً"، و"مِثلُها زُبْدًا"، و"موضعُ كَفّ سحابًا" بمنزلةِ المصدر المضاف إلى الفاعل، نحو:"أعجبني ضربُ زيدٍ عمرًا"، فالمضافُ إليه حَالَ بينه وبين المميّزِ، فامتنع من الإضافة، كما حَالَ التنوينُ في "رطلٌ زيتًا"، والنونُ في "عشرون درهمًا"، فاعرفه.
[فصل [شرط نصب التمييز]]
قال صاحب الكتاب:"ولا ينتصب المميز عن مفرد إلا عن تامّ. والذي يتم به أربعة أشياء: التنوين ,ونون التثنية ونون الجمع, والإضافة. وذلك على ضربين: زائلٌ, ولازمٌ, فالزائل التمام بالتنوين, ونون التثنية, لأنك تقول: "عندي رطل زيتٍ، ومنوا سمنٍ". واللازم التمام بنون الجمع, والإضافة, لأنك لا تقول: "ملأ عسلٍ ولا مثل زبدٍ ولا عشرو درهمٍ".
* * *
قال الشارح: يريد أنّ المميّز إذا كان بعد مفردٍ، فلا بدّ أنّ يستوفِيَ ذلك المفردُ جميعَ ما يتمّ به، ويُؤذِن بانفصاله ممّا بعده، بحيث لا تصحّ إضافته إلى ما بعده، إذ المضافُ والمضافُ إليه كالشيء الواحد، فإذا لم يكن هناك ما يمنع الإضافةَ، كان في حكمِ الناقص الذي لا يتمّ معناه إلَّا بما بعده من المضاف إليه.
والذي يتمّ به الاسم أربعةُ أشياء: التنوين، ونون التثنية، ونون الجمع، والإضافة، لأن هذه الأشياء تفصِل ما تدخل عليه عمّا بعده، وتُؤذِن بانتهائه.
وجملةُ الأمر أنّك إذا قلت: "عندي راقودٌ خلاًّ، ورطلٌ زيتًا"، فلا يحسن أن يجرِيَ وصفًا على ما قبله، فتقولَ: "راقودٌ خلٌّ، ورطلٌ زيتٌ"؛ لأنه اسمٌ جامدٌ غيرُ مشتقّ من فعلٍ، فلا يكون وصفًا كالمشتقّات. وكانت الإضافةُ غيرَ ممتنِعة بحكمِ الاسميّة، فقلتَ: