للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمّا "فَعَّلَ"، فله في الصحيح مصدران: "التَّفْعِيل"، و"التَفْعِلَة"، نحوُ: "كرّمته تَكرِيمًا وتَكْرِمَةً"، و"عظّمته تعظيمًا وتعظَمة"، و"التفعيل"، هو الأصل, لأنّه هو اللازم، فأمّا إذا كان معتلّ اللام بالياء أو الواو؛ ألزموه "تَفْعِلَةَ" ولم يأتوا بالمصدر الآخر، لئلّا يجتمع في آخره ياءان قبلهما كسرةٌ، فيُحتمل ثقلٌ، وعنه مندوحةٌ إلى المصدر الآخر، وذلك قولك: "عَزيْتُه تَعْزِيَة"، و"غَذيْتُه تَغْذِيَة". قال أبو بكر بن السرّاج: الأصل "تَعْزِيا"، و"تَغْذِيًّا"، فحذفت ياءٌ من الياء المشدّدة، ودخلت التاء عوضًا من المحذوف.

وكلامُ الشيخ يُصرَّح فيه بأن المحذوف اللام، وأن يكون المحذوف الياء الزائدة أوْجَهُ عندي, لأن اللام باقية في الصحيح من نحو "تَكْرِمَةٍ"، فكذلك يكون في المعتل، ولا يجوز إسقاط التاء من هذا، فيقالَ في "تغزية": "تَغْزٍ"، كما جاز في "إقامة"، فقالوا: "إقامٌ"، والفرقُ بينهما أن نحوَ "أقامَ"، و"أقالَ" و"استَحاذَ" قد استُعمل على الأصل، فقالوا: "أطْوَلْتُ إطْوالًا"، و"استحوَذْتُ استِحْواذًا". فلمّا كان قد ورد تامًّا على الأصل، جاز أن لا يعوض منه؛ فأمّا نحو"تَعْزِيَة"، و"تَغْذِيَة"، فلم يرد الأصل البتّة، فلزم العوض لذلك، وقد جاء "التَفْعيل" فيه في الشعر، قال [من الرجز]:

فَهِي تُنَزي دَلْوَهَا تَنْزِيًّا ... إلخ

والشاهد فيه قوله: "تَنْزِيًّا"، والقياس: "تَنْزِيَةً"، لكنه راجَعَ الأصلَ ضرورة, لأن الشاعر له مراجَعةُ الأصُول المرفوضة، يُقال: "امرأةٌ شَهْلَةٌ" إذا كانت نَصَفًا، وصار كالاسم لها بالغَلَبَة، ولا يُقال ذلك للرجل. يصف امرأة تستقي ماء، والمراد أنّها ترفع دَلْوَها كما ترفع المرأةُ الصبى عند ترقيصه.

فصل [إعمال المصدر]

قال صاحب الكتاب: ويعمل المصدر أعمال الفعل مفرداً، كقولك عجبت من ضربٍ زيدٌ عمراً، ومن ضربٍ عمراً زيدٌ، ومضافاً إلى الفاعل أو إلى المفعول كقولك أعجبني ضرب الأمير اللص، ودق القصار الثوب، وضرب اللص الأميرُ، ودق الثوب القصارُ, ويجوز ترك ذكر الفاعل والمفعول في الإفراد والإضافة, كقولك عجبت من ضرب زيداً، ونحو قوله تعالى: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً} (١) ومن ضربٍ عمروٌ ومن ضرب زيدٍ أي من ضرب زيد أو ضرب, ونحوه قوله تعالى: {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} (٢) , ومعرفاً باللام كقوله [من المتقارب]:

٨٨٨ - ضعيف النكاية أعداءه ... يخال الفرار يراخي الأجل


(١) البلد: ١٤ - ١٥.
(٢) الروم: ٣.
٨٨٨ - التخريج: البيت بلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ٢٠٨؛ وخزانة الأدب ٨/ ١٢٧؛ والدرر =

<<  <  ج: ص:  >  >>