للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل ["لا"]]

قال صاحب الكتاب: و"لا" لنفي المستقبل في قولك: "لا يفعل". قال سيبويه (١): وأما "لا" فتكون نفياً لقول القائل: "هو يفعل", ولم يقع الفعل. وقد نفي بها الماضي في قوله تعالى: {فلا صدق ولا صلى} (٢) , وقوله [من الرجز]:

فأي أمر سييءٍ لا فعله (٣)

وينفي بها نفياً عاماً في قولك: "لا رجل في الدار", وغير عام في قولك: "لا رجل في الدار ولا امرأة", و"لا زيدٌ في الدار ولا عمروٌ", ولنفي الأمر في قولك: "لا تفعل" ويسمى النهي, والدعاء في قولك: "لا رعاك الله".

* * *

قال الشارح: وأمّا "لا"، فحرفٌ نافٍ أيضًا موضوع لنفي الفعل المستقبل، قال سيبويه: وإذا قال: "هو يفعل"، ولم يكن الفعل واقعًا؛ فنفيُه: "لا يفعل"، فـ "لا" جوابُ "هو يفعل" إذا أُريد به المستقبل، فإذا قال القائل: "يقوم زيدٌ غدًا"، وأُريد نفيُه، قيل. "لا يقوم"؛ لأن "لا" حرفٌ موضوعٌ لنفي المستقبل، وكذلك إذا قال: "لَيَقعَلَنَّ"، وأُريد النفي، قيل: "لا يفعل"؛ لأن النون تصرف الفعلَ للاستقبال، وربما نفوا بها الماضي، نحوَ قوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (٤)، أي: لم يصدق، ولم يصل. ومنه قوله تعالى أيضًا: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} (٥) أي: لم يقتحم، وكذلك قوله [من الرجز]:

فأي أمر سيّئ لا فعله (٦)

حملوا "لا" في ذلك على "لَمْ"، إلَّا أنهم لم يغيروا لفظ الفعل بعد "لا"كما غيروه بعد "لَمْ"؛ لأن "لا" غير عاملة، و"لَمْ" عاملة، فلذلك غيروا لفظَ الفعل إلى المضارع، ليظهر فيه أثرُ العمل.

وقد تدخل الأسماءَ، فيُنفَى بها نفيًا عامًا، نحوَ: "لا رجلَ في الدار"، و"لا غلامَ لك"، وغير عامّ، نحو قولك: "لا رجلٌ عندك ولا امرأة" و"لا زيدٌ عندك ولا عمرو"، كأنّه جوابُ: "هل رجلٌ عندك أم امراةٌ"، وهل "زيدٌ عندك أم عمرو؟ " ولذلك لا يكون الرفع إلا مع التكرار. وقد شرحنا ذلك فيما تقدم وخلاف أبي العباس فيه بما أغنى عن إعادته.


(١) الكتاب ٣/ ١١٧.
(٢) القيامة: ٣١.
(٣) تقدم بالرقم ١٥١.
(٤) القيامة: ٣١.
(٥) البلد: ١١.
(٦) تقدم بالرقم ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>