قال الشارَح: قد تقدّم الكلام في بناء ما رُكّب من الأعداد من "أحدَ عشرَ" إلى "تسعةَ عشرَ" في المبنيّات، وذلك لتضمُّنه معنى واو العطف، إذ الأصل: أحدٌ وعشرةٌ، فحُذفت الواو، وجعل الاسمان اسمًا واحدًا اختصارًا، ما خلا "اثنَا عشرَ"، فإنّ الاسم الأول معربٌ؛ لأن الاسم الثاني حلّ منه محلَّ النون، فجرى التغييرُ على الألف مع الاسم الذي بُني معه، كما جرى التغيير عليها مع النون، ويكون ذلك الاسمُ على حاله، كما كانت النون على حالها، وليست النون محذوفة على جهة الإضافة، ويدلّ على أنّه غير مضاف أن الحكم المنسوب إلى المضاف غير منسوب إلى المضاف إليه، ألا ترى أنّك إذا قلت:"قبضتُ درهمَ زيدٍ"، كان القبضُ واقعًا بالدرهم دون زيد، وإذا قلت:"قبضت اثنَيْ عشرَ درهمًا"؛ فالقبضُ واقع بالاثنين والعشرة معًا.
والذي يدلّ أن العشرة واقعةٌ موقع النون أنّك لا تضيفه إلى المالك على حدّ إضافة "خمسةَ عشرَ" وأخواته، فلا تقول:"اثنَيْ عشرَك" كما تقول: "خمسة عشرَك" لأنّ "عشر"؛ قد قام مقامَ النون والإضافةُ بحذف النون، فلا يجوز أن يثبت معها ما قام مقامَ النون، ولو أسقطنا "عشر" للإضافة؛ لم يُعلَم أأضيفت إلى "اثنين"، أم إلى "اثني عشر"، فاعرفه.
[فصل [حكم الأعداد المركبة التي للمؤنث, وحركة شين "عشرة"]]
قال صاحب الكتاب: وتقول في تأنيث هذه المركبات: إحدى عشرة، واثتنا عشرة، أو ثنتا عشرة، وثلاث عشرة، وثماني عشرة، تثبت علامة التأنيث في أحد الشطرين؛ لتنزلهما منزلة شيء واحد، وتعرب الثنتين كما أعربت الاثنين. وشين العشرة، يسكنها أهل الحجاز ويكسرها بنو تميم وأكثر العرب على فتح الياء في ثماني عشرة، ومنهم من يسكنها.
* * *
قال الشارح: تأنيث المركّبات من العدد يجري على منهاج المفرد، فيثبت الهاء في "الثلاثة" و"الأربعة" إذا كان مركّبًا مع "العشرة" في المذكّر، فتقول:"ثلاثة عشرَ رجلاً"، و"أربعةَ عشرَ غلامًا". تُثبِت الهاء في النَّيِّف كما تثبتها إذا لم يكن نيّفًا، وتنزعها من "العشرة" كراهيةَ أن يجمعوا بين تأنيثَيْن من جنس واحد في كلمة واحدة، فإذا أردت المؤنّث، نزعتها من الاسم الأول وأثبتها في آخِر الاسم الثاني، فكان نزعُها من الاسم الأول دليلًا على الفصل بين المذكّر والمؤنّث، وتثبت التاء في الاسم الثاني بحكم الأصل، ولم يوجد ما يوجب حذفَها، فتثبت لذلك.
فإن قيل: فلِمَ قلتم: إنّ نزع التاء من الاسم الأوّل علمُ التأنيث، وهلّا كان ثبوُتها