للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و"ألفُ دينارٍ"، فمُيّزت "كَمْ" بجميع أنواعِ ما مُيّز به العددُ. وهذا مع إرادةِ الفرق بين موضعيها، إذ كان لفظُهما واحدًا، ولها معنيان، فـ "كَمْ" و"مُذْ"، و"حَتَّى" من جهة اللفظ على هيئة واحدة، وتعمل عَمَلَيْن.

فإن قلت: ولِم خُصّت الخبرية بالخفض، والاستفهاميّة بالنصب؟ فالجوابُ أنّ التي في الخبر تُضارع "رُبَّ"، وهي حرفُ خفض، فخفضوا بـ "كَمْ" في الخبر حملاً على "رُبَّ". ولمّا وجب للخبريّة الخفضُ بمضارَعتها "رُبَّ"، وجب للأخرى النصبُ؛ لأنّ العدد يعمل إمّا خفضًا، وإمّا نصبًا، ويُؤيِّد ذلك أنّ الاستفهام يقتضي الفعلَ، والفعلُ عملُه النصب. والقياسُ في "كَمْ" أن تُبيَّن بالواحد من حيث كانت للتكثير، والكثيرُ من العدد، يُبين بالواحد، نحو: "مائةُ ثوب" و"ألف دينارٍ"، فاعرفه.

[فصل [إعراب "كم"]]

قال صاحب الكتاب: وتقع في وجهيها مبتدأة، ومفعولة، ومضافاً إليها, تقول: كم درهماً عندك؟ وكم غلام لك! على تقدير أي عدد من الدراهم حاصل عندك؟ وكثير من الغلمان كائن لك، وتقول كم منهم شاهد على فلان؟، وكم غلاماً لك ذاهب! تجعل لك صفة لـ "الغلام"، و"ذاهباً" خبراً لـ "كم". وتقول في المفعولية: كم رجلاً رأيت؟ " و"كم غلام ملكت! وبكم مررت! وعلى كم جذعاً بني بيتك؟ وفي الإضافة: رزق كم رجلاً وكم رجل أطلقت.

* * *

قال الشارح: قد تقدّم القول: إن "كَمْ" اسمٌ بدليلِ دخولِ حرف الخفض عليها، والإخبارِ عنها، إلا أنّها مبنيّةٌ لما ذكرناه من أمرها، فلا يظهر فيها إعرابٌ، إنّما يُحكَم على محلّها بالرفع والنصب والخفض. فإذا كانت مرفوعةَ الموضع؛ فالابتداء لا غيرُ، ولا تكون فاعلةً؛ لأن الفاعل لا يكون إلا بعد فعل، و"كَمْ" لا تكون إلا أوّلاً في اللفظ، فإذا كان الفعلُ لها، فإتما يرتفع ضميرُها به، وهي مرفوعةٌ بالابتداء. فمثالُ كونها مبتداة قولُك في الاستفهام: "كم درهمًا عندك؟ " فـ "كَم" في موضع رفع مبتدأةٌ، و"درهمًا" منصوبٌ بـ "كَمْ"؛ لأئها في تقديرِ عدد منوّنٍ، أو فيه نونٌ، و"عندك" الخبرُ. والمعنى: أيُّ عددٍ من الدراهم كائنٌ عندك، أو حاصلٌ، ونحو ذلك. وتقول: "كم رجلًا جاءك؟ " فتكلون "كم" أيضًا في موضع مرفوع بالابتداء، و"جاءك" الخبرُ، وفيه ضميرٌ يرجع إلى المبتدأ، وتقول في الخبر: "كم غلام لك! " فـ "كَمْ" في موضع رفع بالابتداء، و"غلام" مخفوضٌ بإضافةِ "كَمْ" إليه، و"لَكَ" الخبرُ، والمعنى: كثير من الغِلْمان لك: لأنّ كم في الخبر للتكثير. هذا تفسيرُ المعنى، وأمّا تقديرُ الإعراب، فكأنّك قلت: "مائةُ غلامٍ لك"، ونحوه من العدد الكثيرِ، نحو: "مائة" و"ألف" وغيرهما من الذي قد حُذف تنوينه للإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>