للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البَدل

[فصل [أنواعة]]

قال صاحب الكتاب: هو على أربعة أضرب: بدل الكل من الكل كقوله تعالى: {إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} (١). وبدل البعض من الكل, كقولك: "رأيت قومك أكثرهم وثلثيهم, وناساً منهم، و"صرفت وجوهها أولها". وبدل الاشتمال كقولك سلب زيد ثوبه، وأعجبني عمرو حسنه، وأدبه وعلمه، مما هو منه أو بمنزلته في التلبس به. وبدل الغلط, كقولك: "مررت برجل حمار أردت أن تقول: بـ "حمار"، فسبقك لسانك إلى "رجل"، ثم تداركته, وهذا لا يكون إلا في بداية الكلام وما لا يصدر عن روية وفطانة.

* * *

قال الشارح: البدل ثانٍ يقدَّر في موضعِ الأوّل، نحوَ قولك: "مررت بأخيك زيدٍ"، فـ "زيدٌ" ثانٍ من حيث كان تابعًا للأوّل في إعرابه. واعتبارُه بأن يقدَّر في موضعِ الأوّل، حتى كأنّك قلت: "مررت بزيدٍ"، فيعمل فيه العاملُ، كأنّه خالٍ من الأوّل. والغرضُ من ذلك البيانُ، وذلك بأن يكون للشخص اسمان، أو أسماءٌ، ويشتهِر ببعضها عند قومٍ، وببعضها عند آخَرين، فإذا ذكر أحدَ الاسمَيْن، خاف أن لا يكون ذلك الاسمُ مشتهِرًا عند المخاطب، ويذكر ذلك الاسمَ الآخرَ على سبيلِ بدلِ أحدهما من الآخر للبيان، وإزالةِ ذلك التوهُّمِ. فإذا قلت: "مررت بعبد الله زيدٍ"، فقد يجوز أن يكون المخاطبُ يعرف عبدَ الله، ولا يعلم أنّه زيدٌ، وقد يجوز أن يكون عارفًا بزيدٍ، ولا يعلم أنّه عبدُ الله، فتأتي بالاسمَيْن جميعًا لمعرفةِ المخاطب. وكان الأصل أن يكونا خبرَيْن، أي: جملتَيْن، مثلَ: "مررت بعبد الله، مررت بزيد"، أو يدخلَ عليه واوُ العطف، لكنّهم لو فعلوا ذلك، لالتَبس، ألا ترى أنّك لو قلت: "مررت بعبد الله مررت بزيد أو قلت: "مررت بعبد الله وزيدٍ"، ربّما تَوهّم المخاطبُ أنّ الثاني غيرُ الأوّل، فجاؤوا بالبدل فِرارًا من اللبْس، وطَلَبًا للإيجاز.


(١) الفاتحة: ٦، ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>