وقد ذهب الفرّاء والكسائيّ إلى أن الأصل في الأسماء كلّها الثلاثيّ، وأن الرباعيّ فيه زيادة حرف، والخماسيّ فيه زيادة حرفين. والمذهب الأوّل، ولذلك نزنه بالفاء والعين واللام، ولو كان الأمر على ما ذكرا، لقُوبِل الزائد بمثله، وإنّما لم يكن للسداسيّ أصلٌ, لأنه ضعْفُ الأصل الأوّل، فيصير كالمركّب من ثلاثيَّيْن، مثلِ "حَضْرَمَوْتَ"، فافهمْه.
[فصل [أبنية الاسم الخماسي المزيد]]
قال صاحب الكتاب: وللمزيد فيه خمسة ولا تتجاوز الزيادة فيه واحدة وأمثلتها خندريس وخزعبيل وعضرفوط ومنه يستعور وقِرطبوس وقبعثري.
* * *
قال الشارح: لم يتصرّفوا في الاسم الخماسيّ بأكثر من زيادة واحدة، كأنّ ذلك لقلّتها في نفسها، فلمّا قلّت؛ قلّ التصرّفُ فيها، فكأنهم تَنكَّبوا كثرةَ الزوائد لكثرة حروفها، فمن ذلك "فَعْلَلِيل" في الاسم والصفة، فالاسم:"سَلْسَبِيلٌ"، و"خَنْدَرِيسٌ"، والصفة:"دردبيس"، و"علطميس". فالسلسبيل: الليّن الذي لا خُشونةَ فيه. والخندريس: من أسماء الخمر. والدردبيس: الداهية، وهي العجوز المُسِنّة، وخَرَزَةٌ تُحبِّب المرأة إلى زوجها. والعلطميس: المرأة الشابّة.
ومن ذلك "فُعَليلٌ" يكون اسمًا وصفة، فالاسم:"خُزَعْبِيل"، والصفة "قُذَعْميل" فالخُزَعبيل: الباطل من كلام ومُزاح. والقذعميل: في معنى "قُذَعْمِلٍ"، وقد فسّرناه.
ومن ذلك "فِعْلَلُول"، نحو:"عَضْرَفُوطٍ"، و"قِرْطَبُوس"، و"يَسْتَعُور". فأمّا عضرفوط فالواو فيه زائدة، وهو دابّة، قيل: هو ذكر العَظاء، وكذلك الواو في "قرطبوس". والقرطبوس: الداهية. ويستعور: بلدٌ بالحجاز، والياء في أوّله أصل, لأن الزيادة لا تقع في أوّل بنات الأربعة إلَّا ما كان جاريًا على فعله، نحوُ:"مدحرج"، فـ"يستعور" بمنزلة "عضرفوط".
ومن ذلك "فَعَلّلى"، وهو قليل قالوا:"قَبَعْثَرى"، و"ضَبَغْطَرى"، وهما صفتان، فالقبعثرى: الجمل الضخم؛ والضبغطرى: الشديد، والألف في آخرهما زائدة لتكثير الكلمة على حدّها في "كُمَّثْرًى"، وليست للتأنيث, لأنه قد سمع فيهما التنوين، ولو كانت للتأنيث؛ لم يجز صرفهما، ولا للإلحاق؛ لأنه ليس في الأُصول ما هو على هذه العدّة، فتلحقَ به، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.