قال صاحب الكتاب: وفي "اقرأ آية" ثلاثة أوجه: أن تقلب الأولى ألفاً، وأن تحذف الثانية وتلقي حركتها على الأولى، وإن تجعلا معاً بين بين وهي حجازية.
* * *
قال الشارح: قد اجتمع في "اقْرَأ آيَةً" همزتان: الأولى ساكنةً، والثانية مفتوحة، فمنهم من يخفّف الأولى بأن يُبْدِلها ألفًا محضةً لسكونها وانفتاحِ ما قبلها على حدّ "راسٍ"، و"فاسٍ"، ويُحقِّق الثانية، فيقول:"اقرَا آيَةً". ومنهم من يُخَفِّف الثانية بأن يُلقِي حركتها على الساكن قبلها، ويحذفها على حد "مَنَ بُوكَ"، و"كَمِ بِلُكَ"، فيقول:"اقْرَ آيَةً". وكان أبو زيد يجيز ادّغام الهمزة في الهمزة، فيقول:"اقْرَ أَيَةً" ويجعلها كسائر الحروف.
وأمّا قول صاحب الكتاب أن تجعلا معًا بين بين، فليس بصحيح، وهو وَهْمٌ؛ لأنّ الأولى ساكنةٌ، والهمزةُ الساكنةُ لا تُجعل بين بين؛ لأنّ معنى جَعْلها بين بين أي بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتُها. وإذا لم تكن متحرّكة، فلا يصحّ فيها ذلك، مع أنّ الغرض من جَعْلها بين بين تخفيفُها بتقريبها من الساكن. وإذا كانت ساكنة، فقد بلغت الغايةَ في الخفّة، إذ ليس وراءه خفّةٌ. فأمّا لو قلت:"قَرَأَ آيَةً" بتحريكها، جاز أن تُجْعَلا بين بين معًا، وذلك على لغة أهل الحجاز وعلى لغة غيرهم؛ لأنّهما مفتوحتان بخلافِ "اقْرَأْ آيَةً"، فاعرفه.