للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيبويه (١)؛ لأنّ الحاء أقربُ إلى الفم، ولا تدغم إلّا في الأدخل في الحلق. ووجهُه أنّه راعى التقاربَ في المخرج، والقياسُ ما قدّمناه.

ولا يدغم فيها ما قبلها, لأنّه ليس قبلها في المخرج ما يصحّ ادغامُه إلا الهاء، والهاء لا تدغم في العين، ولا العين في الهاء، فأمّا تركُ ادغامها في الهاء، فلقُرْب العين من الفم، وبُعْد الهاء عنه. وأمّا تركُ ادِّغام الهاء فيها فأنّ العين، وإن قاربتها في المخرج، فقد خالفتها من جهة التجنيس، فالعينُ مجهورة، والهاء مهموسة، والهاء رخوة، والعين ليست كذلك. فلمّا تَباعد ما بينهما من جهة تجنيس الحروف، وإن تَقاربا في المخرج، امتنعا من الادغام إلّا بمُعدِّلٍ يتوسّط بينهما، وهو الحاء لأنّها موافقةُ الهاء بالهمس والرخاوة، والعين بالمخرج، فلذلك لا يجوز في "اقْطَعْ هِلالًا" ادِّغام العين في الهاء؛ لهذه العلّة التي بينهما, ولكن يجوز قلبُهما إلى الحاء، فتقول: "اقْطَحِّلالًا"، و"اجبحّتبة". وحُكي عن بني تميم: "مَحُّمْ" في "معهم"، و"مَحِّاؤُلَاءِ" في "مَعَ هؤلاء" وذلك لقرب العين من الهاء، وهي كثيرةٌ في كلام بنى تميم، وذلك لأنّ اجتماع الحائين أخفُّ عندهم من اجتماع العينين والهائين، وأدنى إلى الفم فاعرفه.

فصل [ادِّغام الحاء]

قال صاحب الكتاب: والحاء تُدغم في مثلها, نحو: "اذبح حملاً" وقوله تعالى: {لا أبرح حتى} (٢). وتدغم فيها الهاء والعين.

* * *

قال الشارح: الحاء تدغم في مثلها، نحو: "اذبح حّملًا" وقوله تعالى: {لَا أَبْرَحُ حَتَّى} (٣) وقوله: {عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى} (٤) ولا إشكالَ في ذلك, لأنّ ادِّغام الحاء في الحاء كادغام العين؛ في العين نحو: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ} (٥) وتُدّغم فيها الهاء والعين، إذا لا مانعَ من ذلك, لأنّهما أدخل في الحلق، والعين أقربُ إلى الفم، فلذلك تُدّغمان فيها, ولا تُدّغم فيهما, لأنّ الأبعد لا يُدغم في الأقرب، فاعرفه.

فصل [ادّغام الغين والخاء]

قال صاحب الكتاب: والغين والخاء تُدّغم كل واحدة منهما في مثلها, وفي أُختها,


(١) انظر: الكتاب ٤/ ٤٥١.
(٢) الكهف: ٦٠.
(٣) الكهف:٦٠.
(٤) البقرة: ٢٣٥.
(٥) البقرة: ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>