للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالشاهد فيه الجزم؛ لأنه بدل من قوله: "تأتنا"، لأن الإلمام ضرب من الإتيان، فهو على حد قولك في الأسماء: "مررت برجلٍ عبدِ الله"، فسّر الإتيان بالإلمام، كما فسّر الاسم الأول بالاسم الثاني، ولو رفع على الحال، لجاز في العربية، لولا انكسارُ وزن البيت. وقوله: "تأجّجًا" يجوز أن يكون تثنية على الصفة للحطب والنار، وذكر الراجعَ لأنّ الحطب مذكر، فغلّب جانبَه، ويجوز أن يكون مفردّا من صفة الحطب، لأنه أهمُ، إذ النار به تكون، ويجوز أن يكون من صفة النار، وذُكر على معنى شِهاب، أو على إرادة النون الخفيفة، وأبدل منها ألفًا في الوقف. يمدح في هذا البيت بَغِيضًا، وهو من بني سعد بن زيد مَناةَ. وبعد هذا البيت [من الطويل]:

إذا خرجوا من غَمْرَه رَجَعوا لها ... بأسْيافهم والطعْنُ حِينَ تَفَرجَا (١)

[فصل [جواز الجزم والرفع في المعطوف على الجواب المجزوم]]

قال صاحب الكتاب: وتقول: "إن تأتني آتك فأحدثك" بالجزم، ويجوز الرفع على الإبتداء, وكذلك الواو, وثم, قال الله تعالى: {من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم} (٢) وقرىء: {ويذرهم} (٣) , وقال: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} (٤)، وقال: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} (٥).

* * *

قال الشارح: اعلم أنك إذا عطفت فعلاً على الجواب المجزوم؛ فلَكَ فيه وجهان: الجزمُ بالعطف على المجزوم على إشراك الثاني مع الأول في الجواب، والرفع على القطع والاستئناف. وذلك قولك: "إن تأتِني آتِك فأُحدثك"، كأنه وعده إن أتاه، فإنه يأتيه فيحدّثُه عقيبَه، ويجوز الرفع بالقطع واستئناف ما بعده، كما قال [من الرجز]:

يُريد أن يُعرِبَهُ فَيعجِمُهْ (٦)

أي: فهو يُعْجِمُهُ على كل حال. ومثله قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ


(١) في طبعة ليبزغ "تعرّجا"، وهذا تصحيف.
(٢) الأعراف: ١٨٦.
(٣) هذه قراءة حمزة، والكسائي، والأعمش، وخلف، وغيرهم.
انظر: البحر المحيط ٤/ ٤٣٣؛ وتفسير القرطبي ٧/ ٣٣٤؛ والكشاف ٢/ ١٠٦؛ والنشر في القراءات العشر ١/ ٢٧٣؛ ومعجم القراءات القرآنية ٢/ ٤٢٦.
(٤) محمَّد: ٣٨.
(٥) آل عمران: ١١١.
(٦) تقدم بالرقم ٩٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>