للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر والاسم في بابي "كان" و"إنّ"

[فصل]

قال صاحب الكتاب: "لما شبه العامل في البابين بالفعل المتعدي؛ شبه ما عمل فيه بالفاعل والمفعول".

* * *

قال الشارح: لمّا حضّر المنصوبات، وجب عليه أن يُعيد ذِكْرَ "كَانَ" وأخواتِها، و"إنَّ" وأخواتِها هاهنا, لأن لكلّ واحد منهما منصوبًا، كما أنّ له مرفوعًا، فخبرُ "كان" وأخواتها، واسمُ "إنَّ" وأخواتِها من المنصوبات على التشبيه بالمفعول، وذلك أنّه شُبّه كلُّ واحد من "كان"، و"إنّ" بالفعل المتعدّي، لاقتضاء كل واحد منهما اسمَيْن بعده. وقد تقدّم بيانُ مشابهةِ "إنَّ" الفعلَ في المرفوعات، بما أغنى عن إعادته، وأمّا "كَانَ" وأخواتُها؛ فهي من أفعالِ العِبارة، واللفظِ، لأنّه تدخلها علاماتُ الأفعال من نحو"قَدْ"، و"السينِ" و"سَوْفَ"، وتتصرّفُ تصرُّفَ الأفعال، نحو: "كَانَ يَكُونُ، فهو كائنٌ وكُنْ ولاَ تَكُنْ"، وليست أفعالًا حقيقةً, لأنّ الفعل في الحقيقة ما دلّ على حَدَثٍ وزمانِ ذلك الحدث، و"كَانَ" وأخواتُها موضوعةٌ للدلالة على زمان وُجودِ خبرها، فهي بمنزلة اسمٍ من أسماء الزمان، يُؤْتَى به مع الجملة للدلالة على زمن وجودِ ذلك الخبر. فقولُك: "كان زيدٌ قائمًا" بمنزلة قولك: "زيدٌ قائمٌ أمْسِ" وقولُك: "يكون زيدٌ قائمًا" بمنزلةِ "زيدٌ قائمٌ غدًا". فثَبَتَ بما قلناه أنّها ليست أفعالًا حقيقةً، إذ ليس فيها دلالةٌ على الفعل الحقيقيَ الذي هو المصدرُ، وإنّما هي مشبَّهةٌ بالأفعال لفظًا. وإذا كانت أفعالًا من جهة اللفظ، كان مرفوعُها كالفاعل، ومنصوبُها كالمفعول، ويُؤيِّد عندك أنّ مرفوعها ليس بفاعلٍ، وأنّ منصوبها ليس مفعولًا على الحقيقة أنّ الفاعل والمفعول قد يتغايَران، نحو: "ضربَ زيدٌ عمرًا"، فـ "زيدٌ" غيرُ "عمرو"، والمرفوعُ في بابِ "كَانَ" لا يكون إلّا المنصوبَ في المعنى، نحو: "كان زيدٌ قائمًا"، فـ "القائمُ" ليس غير زيد فاعرفه.

[فصل [إضمار العامل في خبر "كان"]]

قال صاحب الكتاب: "ويضمر العامل في خبر "كان" في مثل قولهم: "الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>