للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهما؛ لأن الغرض أن هذه الخُطة لعِظَمها وفخامةِ أمرها موصوفة بصغيرِ المكروه وعظيمِه. وقيل: (اللتَيا)، و"التِي" من أسماء الداهية كأنها سُميت بالموصول دون الصلة. وأما قول الشاعر، أنشده أبو عثمان [من الرجز]:

٤٩٧ - حَتى إِذَا كانا هُما اللذَيْنِ ... مِثْلَ الجَدِيلَيْنِ المُحَمْلَجَيْنِ

فإنه شبه الذِي بـ "مَنْ" و"مَا"، فحذف صلتَها ووصفها كما يُفعل بـ "مَن" و"مَا". فأمَا على أصل الكوفيين، فإنّهم يجعلون "الذي" هنا موصولة على بابها، ويصلونها بـ "مِثْل"؛ لأنهم يجرونها مُجرى الظرف.

[فصل [تخفيف الموصول]]

قال صاحب الكتاب: و"الذي" وضع وصلة إلى وصف المعارف بالجمل, وحق الجملة التي يوصل بها أن تكون معلومة للمخاطب, كقولك: "هذا الذي قدم من الحضرة", لمن بلغه ذلك.

* * *

قال الشارح: قد تقدم القول: إن "الذِي" إنما أُتي بها توصُّلاَ إلى وصف المعارف بالجُمَل حين احتاجوا إلى وصفها بالجمل كما كانت النكراتُ كذلك. وينبغي أن تكون الجملة التي تقع صلة معلومة عند المخاطب؛ لأن الغرض بها تعريفُ المذكور بما يعلمُه المخاطب من حاله، ليصح الإخبارُ عنه بعد ذلك، والصلةُ تُخالِف الخبرَ؛ لأنِّ الخبر ينبغي أن يكون مجهولًا عند المخاطب, لأن الغرض من الخبر إفادةُ المخاطب شيئًا من أحوالِ مَن يعرفه. فلو كان ذلك معلومًا عنده، لم يكن مُفيدًا له شيئًا، فلذلك لا تقول: "جاءني الذي قام"، إلَّا لمن عرف قيامَه، وجهل مجيئَه؛ لأن "جاءَ" خبرٌ، و "قَام" صلة.


٤٩٧ - التخريج: الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب ٦/ ٨١؛ والدرر ١/ ٢٧٩؛ وسرْ صناعة الإعراب ١/ ٣٦٥؛ وهمع الهوامع ١/ ٨٦.
شرح المفردات: الجديل: الزمام. المُحَمْلَج: المفتول فتلا شديدًا.
الإعراب: "حتى": حرف ابتداء. "إذا": ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه. "كانا": فعل ماض ناقص مبني على الفتح، والألف: ضمير متصل مبني في محل رفع اسم "كان". "همام": ضمير منفصل مبني في محل رفع توكيد لضمير التثنية. "اللذين": اسم موصول منصوب بالياء لأنه مثنى على أنه خبر "كان"."مثل": صفة "اللذين" منصوبة بالفتحة، وهي مضاف. "الجديلين": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثني. "المحملجين": نعت مجرور بالياء لأنه مثني.
وجملة "كانا هما اللذين": في محل جرّ مضاف إليه.
والشاهد فيه قوله: "اللذين مثلَ" حيث حذف صلة "اللذين" ووصفها بـ "مثل". والكوفيون يجحلون "مثل" صلة لأنهم يُجرونها مجرى الظرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>