وأمّا "كَأْيٍ" بوزن "كَعْي" بهمزة ساكنة، وياء مكسورة خفيفةٍ، فحكاها أبو الحسن بن كَيْسانَ. فإنّه لمّا أدخل "الكافَ على "أيٍّ"، وركّبهما كلمةً واحدةً، وصار اللفظُ "كأيٍّ"، خفّف بحذف إحدى الياءَيْن، وأسكن الهمزة، كأنّه بني من المجموع اسمًا على زنةِ "فَعْلٍ"، مثلَ: "فَلْس" و"كَعْبٍ".
وأمّا "كَإٍ" بوزن "كَعٍ"، فحكاها أيضًا أبو الحسن بن كيسان، وذلك أنّهم بنوا منه اسمًا على زنةِ "فَعِلٍ" بكسر العين، وفتح الفاء كـ "عمٍ"، و"شَجٍ".
فهذا ما بَلَغَنا من لغاتها، وأصلُ هذه اللغات، وأفصحُها "كَأَيِّ" بياء مشدّدة، والوقفُ عليها بغيرِ تنوين، وبعدها في الفصاحة والكثرةِ "كَاء"، بوزن "كَاعٍ "، وهي أكثرُ في أشعار العرب من الأوُلى، ثمّ باقِي اللغاتِ متقارِبةً في الفصاحة.
[فصل ["كيت" و"ذيت": استعمالها ولغاتها]]
قال صاحب الكتاب: وكيت وذيت مخففتان من كية, وذية. وكثير من العرب يستعملونهما على الأصل. ولا يستعملان إلا مكررتين, وقد جاء فيهما الفتح والكسر والضم, والوقف على "بنت" و"أخت".
* * *
قال الشارح: قد تقدّم أنّ هذه الأسماء كناياتٌ عن الحديث، فتقول: "كان من الأمر كَيْتَ وكَيْتَ، وذيْتَ وذَيْتَ". وفي "كَيْتَ" و"ذَيْتَ" ثلاثُ لغات: الفتح والكسر والضمّ، وأصلُه أن يكون ساكنَ الآخِر على أصل البناء، وتحريكُه لالتقاء الساكنين. فمَن فتح، فَطَلبًا للخفة لثقل الكسرة بعد الياء، كما قالوا: "أَيْنَ" و"كَيْفَ". ومن كسر، فعلى أصل التقاء الساكنين. ومن ضم، فتشبيهاً بـ "قبل" و"بَعْدُ".
وأصلهما "كيَّة" و"ذيَّة"، وقد نطقت بذلك العربُ، فقالت: "كان من الأمر كَيَّةَ وذَيَّةَ"، ثمّ إنّهم حذفوا الهاء، وأبدلوا من الياء التي هي لامٌ تاءً، كما فعلوا ذلك في "ثِنْتَين".
وليست التاء في "كيت" و"ذيت" للتأنيث، يدلّ على ذلك سكونُ ما قبلها، وتاء التأنيث لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، والتأنيثُ مستفادٌ من نفس الصيغة. فالصيغةُ في "كَيْتَ" و"ذَيْتَ" رسيلةُ التاء في "كَيَّةَ" و"ذَيَّةَ"، كما كانت التاءُ في "ابْنَةٍ" و"اثْنَتَيْنِ" رسيلةَ الصيغة في "بِنْت" و"ثِنْتَيْن". فأمّا "كَيَّةَ" و"ذَيَّةَ"، فليس فيهما مع الهاء إلا الفتحُ؛ لأنّ الهاء بمنزلةِ اسم ضُمّ إلى اسم، نحوَ: "خمسةَ عشرَ"، و"شَغَرَ بَغَرَ"، فكما أنّ الاسم الأوّل من الاسمَيْن مفتوحٌ لا محالةَ، فكذلك هاء التأنيث.