للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: هذا البيت يُنشَد على ثلاثة أوجه: رفعٍ، ونصبٍ، وجرٍّ. فالرفعُ على أنّه مبتدأ، وحسُن الابتداء به حيث وُصف بالجارّ والمجرور، وهو "لَكَ". وقوله: "قد حلبت عليّ عِشارِي". في موضع الخبر وتكون "كم"، واقعةً على الحَلَبات، فتكون مصدرًا، والتقديرُ: "كم مرّةٍ، أو حَلْبَةٍ عَمَّةٌ لك قد حلبتْ عليّ عشاري". ويجوز أن تكون "كم" واقعةً على الظرف، فيكون التقدير: كم يومًا، أو شهرًا، ونحوهما من الأزمنة.

ومن نصب، فعلى لغة من يجعل "كم" في معنى عددٍ منوّنٍ، ونصب بها في الخبر، وهم كثيرٌ، منهم الفرزدقُ؛ لأنّ هذا ليس موضعَ استفهام مع أنّه لا يبعد الاستفهام على سبيل التقرير، فتكون "كم" مبتدأ في موضع مرفوع، وقوله: "قد حلبت عليّ عشاري" في موضع الخبر، وتكون "كم" واقعةً على العَمّات.

ومن جرّ، فعلى أنّه خبرٌ بمعنى "رُبَّ". وأجودُها الجرُّ؛ لأنّه خبرٌ، والأظهر في الخبر الجرُّ. والمراد الإخبار بكثرة العمّات الممتهِنات بالخِدْمة. وبعده النصبُ، لأنه خبرٌ أيضًا في معنى عمّاتٍ. هاذا رُفعت، لم تكن إلا واحدة؛ لأنّ التمييز يكون، بواحدٍ في معنى جمع. وإذا رفعتَ، فلست تريد التمييزَ. ألا ترى أنّه إذا قيل: "كم درهمٌ لك"، كان المعنى: "كم دانَقًا هذا الدرهمُ الذي سُئلتَ عنه"؟ فالدرهمُ واحدٌ, لأنّه خبرٌ، وليس. بتميينرٍ، وصاحب الكتاب فسّره في حال الرفع بالجمع، وفيه نظرٌ. والصوابُ ما ذكرتُه لك. وهذا البيت يهجو به جَرِيرًا، ويصف أنّ نِساءه راعياتٌ له يَحْلُبْنَ عليه عِشارَه، وهي النُّوق التي أتى عليها من حِينِ أُرسل عليها الفَحْلُ عشرةُ أشهر، ثمّ لا يزال ذلك اسمًا لها حتى تَضَع، فاعرفه.

[فصل [إضافة "كم" الخبرية إلي ما بعدها]]

قال صاحب الكتاب: والخبرية مضافة إلى مميزها عاملة فيه عمل كل مضاف في


= متعلّق بـ "حلبت" ومميزها محذوف مجرور إذا قدّرت "كم" خبريّة، أو منصوب إذا قدّرت "كم" استفهامية. "عمّة": مبتدأ مرفوع. "لك": جار ومجرور متعلّقان بمحذوف نعت لـ "عمّة". "يا": حرف نداء. "جرير": منادى مبني على الضمّ في محلّ نصب. "وخالة": الواو: حرف عطف، و"خالة": معطوف على "عمّة". "فدعاء": نعت "خالة" مرفوع. "قد": حرف تحقيق. "حلبت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. "عليّ": جار ومجرور متعلّقان بـ "حلب". "عشاري": مفعول به لـ "حلب" منصوب، وهو مضاف، والياء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. فإن نصبت "عمّة" و"خالة" فـ "كم": استفهاميّة في محلّ رفع مبتدأ، و"وعمّة": تمييز منصوب. وإن جررت فـ "كم": خبرية تكثيرية في محلّ رفع مبتدأ، و"عمة": مضاف إليه مجرور.
وجملة "كم عمة ... ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة النداء "يا جرير": اعتراضية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "قد حلبت ... ": في محلّ رفع خبر المبتدأ "عمّة" أو "كم".
والشاهد فيه قوله: "عمة" حيث يجوز فيها الرفع على الابتداء، والمسوّغ للابتداء بها وصفها بالجار والمجرور؛ والنصب على التمييز؛ والجرّ على الإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>