للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقراءة أبي عمرو: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً} (١) , وقولك: "لا تمسخ خلقك", و"ادمغ خلقاً"، و"اسلخ غنمك".

* * *

قال الشارح: الخاء والغين من المخرج الثالث من مخارج الحلق، وهو أدنى المخارج إلى اللسان، ولذلك يقول بعض العرب: "مُنْخُلٌ"، و"مُنْغلٌ" فيُخْفِي النون عندها كما يخفيها مع حروف اللسان والفم؛ لقُرْب هذا المخرج من اللسان، فيجوز ادغامُ كلّ واحدة منهما في مثلها, ولا إشكالَ في ذلك لاتّحاد المخرج، وعدمِ المانع، فمثالُ ادغام الغين في الغين قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} (٢)، ولم يلتق في القرآن غينان غيرهما.

ومثالُ ادغام الخاء في الخاء "لا تمسخ خْلقك"، و"لم يُصِخ خالِدٌ" ولم يلتق في القرآن خاءان. وتدغم كلُّ واحدة منهما في صاحبتها للتقارب، فإنّه ليس بينهما إلّا الشدّة والرخاوةُ، فتقول في ادغام الغين في الخاء: "أدمغ خّلقًا"، تدغم الغين في الخاء. قال سيبويه (٣): البيان أحسنُ، والادغامُ حسنٌ ويدلّ على حسن البيان عزّتهُما في باب "رَدَدْت"؛ لأنّهم لا يكادون يُضعِّفون ما يستثقلون. قال أبو العبّاس المبرّد: الادغامُ أحمقُّ من البيان، والبيانُ حسنٌ. وفي الجملة هو أحسنُ من ادغام الخاء في الغين، نحو: "اسلخ غّنمك"؛ لأنّ الخاء أقربُ إلى الفم، وعلى كلّ حال هو جائرٌ, لأنّ هذين الحرفين آخِرُ مخارج الحلق، والبيانُ أحسنُ لأمرين: أحدُهما أنّ الغين قبل الخاء في المخرج، والبابُ في الادغام أن يدغم الأقربُ في الأبعد، والثاني أنّ الغين مجهورة، والخاء مهموسة، والتقاء المهموسين أخفُّ من التقاء المجهورين، والجميعُ جائزٌ حسنٌ. وقد أجاز بعضُهم ادغامَ العين والحاء فيه ما لقربهما من الفم، والذي عليه الأكثرُ المنعُ من ذلك؛ لأنّ الغين والخاء وقد قربا من الفم قربًا شديدًا، فبعدت عن الحاء والعين، فاعرفه.

فصل [ادِّغام القاف والكاف]

قال صاحب الكتاب: القاف والكاف كالغين والخاء قال الله تعالى: {فلما أفاق


(١) آل عمران: ٨٥. وهذه قراءة الأعمش أيضًا.
انظر: إتحاف فضلاء البشر ص ١٧٨؛ والبحر المحيط ٢/ ٥١٧؛ والكشاف ١/ ٢٠٠؛ ومعجم القراءات القرآنية ٢/ ٥٢.
(٢) آل عمران: ٨٥.
(٣) الكتاب ٤/ ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>