لامَ فيه، نحو:"شربت ماءً والماء"، و"أكلتُ خُبْزًا والخبزَ"؛ ولذلك امتنع أن يُنعَت ما فيه الألفُ واللام بالمبهم.
وأمّا المضاف، فيُعتبر أمره بما يضاف إليه، فحكمُ المضاف حكمُ المضاف إليه، فإذًا ما أضيف إلى المضمر أعرفُ ممّا أضيف إلى العلم، وما أضيف إلى العلم أعرف ممّا أضيف إلى المبهم، وما أضيف إلى المبهم أعرف ممّا أضيف إلى ما فيه الألفُ واللام. فعلى هذا لا تصف العلم بما أضيف إلى المضمر، فلا تقول:"مررت بزيدٍ أخيك" على الوصف، ويجوز على البدل، ولا تصف المبهم بما أضيف إلى مضمرٍ أو عَلَمٍ، فلا تقول:"مررتُ بهذا أخيك، أو صاحبِ عمرو" على النعت، ولا تصف ما فيه الألف واللام بما أضيف إلى غيره ممّا لا لامَ فيه.
واعلم أنّ المضمرات، وإن كانت أعرفَ المعارف، إلّا أنّها تَتفاوَت أيضًا في التعريف، فبعضُها أعرفُ من بعض، فأعرفُها وأخصُّها ضميرُ المتكلّم، نحو:"أنَا"، والتاء في "فعلتُ"، والياء في "غلامِي"، و"ضَرَبَنِي"؛ لأنّه لا يُشارِك المتكلّمَ أحدٌ، فيدخلَ معه، فيكونَ ثَمّ لَبسٌ. ثمّ المخاطب، وإنّما قلنا: إِنّ المخاطب منحطّ في التعريف عن المتكلّم؛ لأنّه قد يكون بحَضْرته اثنان أو أكثرُ، فلا يُعلَم أيَّهم يخاطِب. ثم الغائب، وإنّما انحطّ ضميرُ الغائب عنهما؛ لأنّه قد يكون كناية عن معرفة وعن نكرة، حتى قال بعضُ النحويين: إِنّ كناية النكرة نكرةٌ، ولذلك أجازوا "رُبَّ رجلٍ وأَخيه". فهذا ترتيبُها في التعريف، فاعرفه.
* * *
[[تعريف النكرة]]
قال صاحب الكتاب: والنكرة ما شاع في أمته كقولك: جاءني رجل وركبت فرساً.
* * *
قال الشارح: قد تقدّم أن النكرة أصلٌ للمعرفة ومتقدّمةٌ عليها، وهي كلُّ اسم يتناول مسمّيَيْن فصاعدًا على سبيل البدل، فهو نكرةٌ، وذلك نحو:"رَجُلٍ"، و"فَرَسٍ". ألا ترى أنّ "رجلاً" يصلح لكلّ ذَكَر من بني آدم، و"فرسٌ" يصلح لكلّ ذي أربعٍ صَهالٍ. وعلامتُها أن تحسن فيها "رُبَّ" واللامُ، نحو:"رُبَّ رجلٍ والرجلُ".
وبعض النكرات أنكرُ من بعض، فما كان أكثرَ عُمومًا، كان أوغَلَ في التنكير، فعلى هذا "شَيْءٌ" أنكرُ من "جِسم"؛ لأنّ كلّ جسم شيءٌ؛ وليس كل شيء جسمًا، و"جِسمٌ" أنكرُ من "حَيَوانٍ"؛ لأنّ كلّ حيوان جسمٌ، ولَيس كلُّ جسم حيوانًا، و"حيوان" أنكرُ من إنسان، و"إنسانٌ" أنكر من "رجل" و"امرأة"، فاعرفْ ذلك.