للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن "ضَيق" إلى "ضائق"؛ ليدلّ على أنه ضيْقٌ عارضٌ في الحال غير ثابت. وعلى هذا قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ} (١)، عدل عن "عَمِينَ" إلى "عامِينَ" لهذا المعنى، وعلى هذا تقول: "زيدٌ سيّدٌ جَوادٌ"، تريد أن السيادة والجُود ثابتان له. فإذا أردت الحدوث في الحال، أو في ثاني الحال؛ قلت: "سائدٌ"، و"جائدٌ".

وقد يُعامِلون اسم الفاعل معامَلةَ الصفة المشبّهة إذا كان لازمًا له غير متعدٍّ، وذلك أن اسم الفاعل يجوز أن يرفع السببَ، فتقول: "هذا رجلٌ قائم أبوه، وقاعدٌ غلامُه"، فتصفه بفعلِ غيره للعُلْقة التي بينهما، فإذا كان غير متعدّ عاملًا في السبب، شابَهَ بابَ "الحسنُ الوجهِ"، فجاز أن تنقل الفعل إلى الموصوف، ثم تضيفه إلى من كان فاعلاً على سبيل البيان، فتقول: "هذا رجل قائمُ الأبِ" فيكون في "قائم" ضمير مرتفع به يعود إلى "الرجل"، كما كان كذلك في "الحسن الوجه". يدل على ذلك قولك: "هذه امرأة قائمةُ الأبِ"، فتأنيثُ "قائمة" دليل على ما قلناه. وقد قالوا: "هذه امرأةٌ ضامرُ البطن"، والمراد ضامرٌ بطنُها، إلَّا أنهم نقلوا الفعل إلى الموصوف على ما ذكرناه.

فإن قيل: فكان ينبغي أن يقال: "ضامرةُ البطن"، فيؤنّث؛ لأنّ فيه ضميرًا مؤنّثًا يعود إلى المرأة؛ قيل: جاء ذلك على سبيل النسب، كقولهم: "تامِرٌ"، و"لابنٌ"، ومنه قولهم: "امرأة حائضٌ"، و"طاهرٌ". قال الشاعر [من السريع]:

عَهْدِي بها في الحَيّ قد سُرْبِلَتْ ... هَيْفاءَ مِثْلَ المُهْرَةِ الضامر (٢)

وقالوا: "امرأة جائلةُ الوِشاحِ"، والمراد: جائلٌ وشاحُها، أي: يضطرب لوفوره. والوشاح: كالقِلادة من أَدَم فيه جوهرٌ. وقالوا: "طاهرُ الذيْلِ" إذا وصفوه بالعِفّة، وقالوا في المفعول: "فلانٌ معمّورُ الدار"، والمراد: معمورة دارُه، و"مؤدَّبُ الخُدّامِ"، أي: مُؤدَّبٌ خدّامُه، أجروه مجرى "حسنُ الوجهِ".

[فصل [أوجه إعراب عبارة "حسن وجهه"]]

قال صاحب الكتاب: وفي مسألة حسن وجهه سبعة أوجه: حسن وجهه، وحسن الوجه، وحسنٌ وجهاً قال أبو زبيد [من البسيط]:

٩١١ - هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة ... مخطوطة جدلت شنباء أنيابا


(١) الأعراف: ٦٤.
(٢) تقدم بالرقم ٨٠٨.
٩١١ - التخريج: البيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص ٣٦؛ والكتاب ١/ ١٩٨؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤؛ ٨٤؛ ولسان العرب ١/ ٧٨٧ (هلب)؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٥٩٣.
اللغة: الهيفاء: الضامرة الخصر. والعَجزاء: العظيمة العجيزة، والمحطوطة: مستوية القدّ. جُدِلت: أُلطف خلقُها، أي: إن لحمها ليس بمُسْتَرْخٍ. وشَنَبُ الثغر: بريقه وبرده. =

<<  <  ج: ص:  >  >>