على خلاف الأصل، فإذا بعُد التكسيرُ في المذكر، كان في المؤنّث أبعدَ؛ لأنّ التأنيث يزيده شَبَهًا بالفعل، ولذلك كان من الأسباب المانعة للصرف، فإذًا الوجهُ في جمعِ ما كان مؤنّثًا بالتاء من الأسماء الثلاثية، نحوِ:"عَبْلَةٍ"، و"حُلْوَةٍ"، و"عِلْجَةٍ"، و"حَذِرَةٍ"، و"يَقُظَةٍ" أن يُجمع بالألف والتاء، فيقال:"عَبْلاتٌ"، و"حُلْواتٌ"، و"عِلْجاتٌ"، و"حَذِراتٌ"، و"يَقُظاتٌ". ولم يُسمع التكسير في شيء منها إلّا في مِثال واحد، وهو "فَعْلَةُ"، فإنّهم كسّروه على "فِعالٍ"، قالوا:"عَبْلَةٌ"، و"عِبالٌ"، و"كَمْشَةٌ"، و"كِماشٌ". يُقال:"رجلٌ كَمشٌ"، و"امرأةٌ كَمْشَةٌ" بمعنى الماضي السريع، كأنّهم لكثرةِ "فَعْلَةَ" تَصرّفوا فيها على نحوِ من تصرّفهم في "فَعْلٍ".
واستوى "فَعْلٌ"، و"فَعْلَةُ" في "فِعَالٍ" إذا كانا صفتَيْن، كما استويا في الاسم من نحو:"كَلْب"، و"كِلابٍ"، و"جَمْرَةٍ"، و"جِمارٍ"، ولم يتجاوزوا "فِعالًا" في "فَعْلَةَ"؛ لأنّ التكسير لا يتمكّن في الصفة تمكُّنَه في الاسم.
وقالوا:"عِلَجٌ"، و"عِلَجَةٌ"، وهو قليل، جاؤوا به على نحوٍ من تكسير الأسماء، نحوِ:"خِرْقَةٍ"، و"خِرَقٍ"، و"كِسْرَةٍ"، و"كِسَرٍ"، فاعرفه.
[فصل [جمع المؤنث الثلاثي الساكن الوسط المنتهي بالتاء]]
قال صاحب الكتاب: والمؤنث الساكن الحشو لا يخلو من ان يكون أسماً أو صفة, فإذا كان اسماً تحركت عينه في الجمع إذا صحت بالفتح في المفتوح الفاء, كـ "جمرات", وبه وبالكسر في المكسورها, كـ"سدرات", وبه وبالضم في المضمومها كـ "غرفات". وقد تسكن في الضرورة في الأول، وفي السعة في الباقين في لغة تميم.
* * *
قال الشارح: اعلم أن ما كان من هذه الأسماء الثلاثية المؤنّثة بوزنِ "فَعْلَةَ"، كـ"قَصْعَةٍ"، و"جَفْنَةٍ"، فإنّك تفتح العين منه في الجمع أبدًا إذا كان اسمًا، نحوَ:"جَفَناتٍ"، و"قَصَعاتٍ"، كأنّهم فرقوا بذلك بين الاسم والصفة، فيفتحون عين الاسم، ويقولون:"تَمَراتٌ"، ويسكّنون الصفة، فيقولون:"جاريةٌ خَذلَةٌ"(١)، و"جَوارٍ خَذلات"، و"حالةٌ سَهْلَةٌ"، و"حالاتٌ سَهْلات". وإنّما فتحوا الاسم، وسكّنوا النعت، لخفّة الاسم وثِقَلِ الصفة؛ لأنّ الصفة جاريةٌ مجرى الفعل، والفعلُ أثقلُ من الاسم؛ لأنّه يقتضي فاعلاً، فصار كالمركّب منهما، فلذلك كان أثقلَ من الاسم، ولا يجوز
(١) الخَدْلة من النساء: الغلبظةُ الساق المُستديرتها. (لسان العرب ١١/ ٢٠١ (خدل)).