وُيروى: تَقْلَهْ، وتَقْلِهْ، بفتح اللام، وكسرِها؛ لأنّه يقال:"قَلَى، يَقْلَى وَيقْلِي". فمن قال:"يَقْلِي" بالكسر، قال:"تَقْلِهْ" مكسورًا، والأصلُ: تَقْلِيهِ، فلمّا جُزم بالأمر، حُذفت الياء للجزم، ثغ دخلت هاء السَّكْت، فقلت:"تَقْلِهْ" بكسر اللام، وسكون الهاء. ومن فتح، وقال:"يَقْلَى"، وهو قليلٌ، جزم بحذف اللام، وبقي ما قبلها مفتوحًا، ثمّ دخلت هاء السكت.
واعلم أنّ كلَّ جملة وقعتْ صفةً، فهي واقعةٌ موقعَ المفرد، ولها موضعُ ذلك المفرِد من الإعراب، فإذا قلت:"مررت برجلٍ يضربُ"، فقولُك:"يضربُ" في موضع "ضارب"، فأبدًا تُقدِّر ما أصبتَ مكانَه فعلاً باسم فاعلٍ إن كان المنعوتُ كذلك، وباسمِ مفعول، إن كان المنعوتُ كذلك. وكذلك الجارُّ والمجرور، وتقديره بما يُلائم معناه، تقول في قولك:"هذا رجلٌ من بني تميمٍ"، تقديره: تميميُّ، و"تميميُّ" بمعنى منسوبٍ، وفي قولك:"هذا رجلٌ من الكِرام"، تقديره: كريمٌ، فاعرف ذلك.
فإن قيل: فلِمَ زعمتم أنّ المفرد أصلٌ، والجملة واقعةٌ موقعَه، فالجوابُ أنّ البسيط أوّلٌ، والمركّبَ ثانٍ، فإذا استقَلّ المعنى بالاسم المفرد، ثمّ وقع موقعَه الجملةُ، فالاسمُ المفردُ هو الأصلُ، والجملةُ فرعٌ عليه. ونظيرُ ذلك في الشَّرِيعة شَهادةُ المرأتَيْن فرعٌ على شهادةِ الرجل. واعلم أنَّه لا يُنعَت بالجملة معرفة، لو قلت:"هذا زيدٌ أبوه قائمٌ" على أن تجعله صفةً، لم يجز، فإن جعلتَه حالًا، جاز. وإنّما لم توصَف المعرفة بالجملة؛ لأنّ الجملة نكرةٌ، فلا تقع صفةً للمعرفة؛ لأنّها حديثٌ. ألا ترى أنّها تقع خبرًا، نحو:"زيدٌ أبوه قائمٌ"، و"محمّدٌ قام أخوه". وإنَّما تُحدَّث بما لا يُعرَف، فتُفيد السامعَ ما لم يكن عنده. فإن أردتَ وصفَ المعرفة بجلمةٍ، أتيتَ بـ "الذي"، وجعلت الجملة في صلته، فقلتَ:"مررت بزيدٍ الذي أبوه منطلقٌ"، فتوصّلت بـ "الّذي" إلى وصف المعرفة بالجملة، كما توصّلتَ بـ "أيُّ" إلى نداء ما فيه الألفُ واللام، نحو:"يا أَيُّها الرجلُ".
فصل [الوصف السببيِّ]
قال صاحب الكتاب: وقد نزلوا نعت الشيء بحال ما هو سببه منزلة نعته بحاله هو، نحو قولك:"مررت برجلٍ كثيرٍ عدوه, وقليل من لا سبب بينه وبينه".
* * *
قال الشارح: اعلم أنهم يصفون الاسمَ بفعلٍ ما هو من سَبَبه كما يصفونه بفِعْله، والغرضُ بالسبب ها هنا الاتّصالُ، أي: بفعلٍ ما له به اتّصالٌ. وذلك نحو قولك:"هذا رجلٌ ضاربٌ أخُوه زيدًا، وشاكرٌ أبوه عمرًا". لمّا وصفتَه بـ "ضارب"، ورفعتَ به "الأخَ"، وأضفتَه إلى ضميرِ الموصوف، صار من سببه، وحصل بذلك مَن الإيضاح والبيان ما يحصُل بفعله. ألا ترى أنّك إذا قلت:"مررت برجلٍ قائمٍ أبوه، أو غلامُه"، فقد تَخصَّص