للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعضهم: أراد "دَوِّيَّة"، وإنّما أبدل من الواو الأوُلى ألفًا؛ لانفتاح ما قبلها، وإن كانت ساكنة في نفسها، كأنّه استغنى بأحد الشرطَيْن كما قال عليه السلام: "ارْجِعْنَ مَأزُوراتٍ غير مَأجُوراتٍ" (١)، والأصل "مَوزورات". وقال سيبويه، في "آيَةٍ": إِنّه "فَعْلَةُ" كـ"شَرْبةٍ"، وإنّما أُبْدِل من الياء الأُولى ألفٌ، فيكون حينئذ "داوِيَّة" من الشاذّ. والمحقّقون يذهبون إلى أنَّه بني من "الدّوّ" اسمًا على زنة "فاعِلَةَ"، فصار في التقدير "داوِوَةً", فقُلبت الواو الثانية ياءً لانكسار ما قبلها، فصارت داوِيَةً، ثمّ نُسب إليها على حدّ نسبهم إلى "حانِيَةٍ": "حانِيٌّ". فاعرفه.

فصل [النسبة إلي "مرميّ"]

قال صاحب الكتاب: وتقول في "مرمى": "مرمِيٌّ" تشبيهًا بقولهم في "تميميّ" و"هجري" و"شافعي": "تميميٌّ", و"هجري", و"شافعي", ومنهم من قال: "مرمويّ", وفي "بخاتيَّ" اسم رجل: "بخاتيٌّ".

* * *

قال الشارح: هذا الفصل يشتمل على مسألة واحدة، وهي النسبة إلى "مَرْمِيٍّ"، والنسب إليه "مَرْمِيٌّ"، فيكون لفظه بعد النسب مثلَ لفظه قبل النسب، كأنّهم شبْهوا لفظَه بالمنسوب. وأنت إذا نسبت إلى منسوب، بقيّتَه على لفظه، نحوَ النسب إلى "تَمِيميّ"، و"هَجَريّ"، و"شافِعيّ"، فإنّك تقول فيه أيضًا: "تَمِيميّ"، و"هَجَريّ"، و"شافِعيّ"، فيكون


= الإيضاح ص ٤٣٥؛ والمقاصد النحويّة ١/ ٤١٣؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٧٦٠؛ ولسان العرب ١٣/ ١٨١ (رطن).
اللغة والمعنى: الداويّة والدوّيّة: الفلاة الواسعة. دجى الليل: ظلامه. اليم: البحر. تراطنوا: تكلّموا بكلام أعجمي لا يُفهم. الروم: سكان روما وما حولها قديمًا.
تشبه هذه الصحراء الواسعة في الليل الحالك، بحرًا يتحدث حول شواطئه من لا نفهم لغتهم، وأراد همهمات الوحش والبوم وغيرها.
الإعراب: "داوية": خبر لمبتدأ مرفوع بالضمة، بتقدير: هي داوية. "ودجى": الواو: للعطف، "دجى": معطوف على "داوية" مرفوع بالضمّة المقدّرة على الألف للتعذّر، وهو مضاف. "ليل": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "كأنهما": حرف مشبّه بالفعل، و"هما": ضمير متصل مبني في محلّ نصب اسم "كأنّ". "يم": خبر "كأنّ" مرفوع بالضمّة. "تراطن": فعل ماضٍ مبني على الفتح. "في حافاته": جارّ ومجرور متعلّقان بـ"تراطن"، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه. "الروم": فاعل مرفوع بالضمّة.
وجملة "وداوية ... ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "كأنهما يمّ": في محل رفع صفة. وجملة "تراطن": في محل رفع صفة لليمّ.
والشاهد فيه قوله: "داويّة" بمعنى دوّية، نسبة إلى الدَّوِّ.
(١) ورد الحديث في النهاية في غريب الحديث والأثر ٥/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>