للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف الاسم

[المعرفة والنكرة]

[فصل [تعريف المعرفة وأضربها]]

قال صاحب الكتاب: فالمعرفة ما دل على شيء بعينه, وهو على خمسة أضرب: العلم الخاص، والمضمر، والمبهم وهو شيئان: أسماء الإشارة, والموصولات، والداخل عليه حرف التعريف، والمضاف إلى أحد هؤلاء إضافة حقيقة.

* * *

قال الشارح: اعلم أن المَعْرِفَة في الأصل مصدرُ "عَرَفْتُ مَعْرِفَةٍ وعِرْفانًا"، وهو من المصادر التي وقعت موقع الأسماء، فالمراد بالمعرفة الشيء المعروف، كالمراد بنَسْج اليَمَن أنَّه منسوجُ اليمن، وكقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} (١)، أي: مَخْلُوقُه، وكذلك النكرةُ بمعنى المنكور، والمرادُ بالمعرفة ما خَصَّ واحدًا من الجنس، لا يتناول غيرَه، وذلك متعلّقٌ بمعرفة المخاطب دون المتكلّم، إذ قد يذكر المتكلّمُ ما هو معروف له، ولا يعرفه المخاطبُ، فيكون منكورًا، كقول القائل لمن يخاطبه: "في داري رجلٌ"، و"لِي بُسْتانٌ"، وهو يعرف الرجل والبستان، وقد لا يعرفه المتكلّمُ أيضًا، نحو قولك: "أنا في طَلَبِ غلامٍ أشتريه، ودارٍ أكتريها"، ولا يكون قصدُه إلى شيء بعينه.

واعلم أنّ النكرة هي الأصل، والتعريف حادثٌ؛ لأنّ الاسم نكرة في أوّلِ أمره مبهمٌ في جنسه، ثمّ يدخل عليه ما يُفْرِد بالتعريف، حتى يكون اللفظ لواحدٍ دون سائر جنسه، كقولك: "رجلٌ"، فيكون هذا الاسم لكلّ واحد من الجنس، ثمّ يحدث عهدُ المخاطب لواحدٍ بعينه، فتقول: "الرجلُ"، فيكون مقصورًا على واحد بعينه، فالنكرةُ سابقةٌ، لأنّها اسم الجنس الذي لكلّ واحد منه مثلُ اسم سائرِ أُمَّتِه، وضعه الواضعُ للفصل بين الأجناس، فلا تجد معرفةً إلَّا وأصلُها النكرة؛ إلَّا اسمَ الله تعالى؛ لأنّه لا شريكَ له


(١) لقمان: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>