قال صاحب الكتاب: وهي على ضربين: ثقيلةٌ, وخفيفةٌ. فالخفيفة تقع في جميع مواضع الثقيلة إلا في فعل الاثنين, وفعل جماعة المؤنث, تقول: اضرِبَنَّ, و"اضربُنَّ", و"اضربِنَّ", و"اضربَنْ" و"اضربُنْ" و"اضربِنْ", وتقول: اضربانِّ واضربنانِّ, ولا تقول:"اضربانْ" ولا "اضربنان", إلا عند يونس (١).
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ هاتَين النونَين الشديدة والخفيفة من حروف المعاني، والمرادُ بهما التأكيد. ولا تدخلان إلاَّ على الأفعال المستقبلة خاصّةً، وتُؤثَّران فيها تأثيرَين: تأثيرًا في لفظها وتأثيرًا في معناها. فتأثيرُ اللفظ إخراجُ الفعل إلى البناء بعد أن كان معربًا. وتأثيرُ المعنى إخلاصُ الفعل للاستقبال بعد أن كان يصلح لهما.
فإذا لحقتْ هذه النون الفعلَ، كان ما قبلها مفتوحًا مع الواحد المذكّر، شديدةً كانت أو خفيفةً، سواء كان الفعل في موضعِ جزم أو في موضعِ رفع. تقول فيما كان موضعه جزمًا:"لا تضربَنَّ زيدًا" شديدةَ النون، و"لا تضربَنْ خالدًا" خفيفةَ النون. وتقول فيما كان موضعه رفعًا:"هل تضربَنَّ زيداً؟ " و"هل تضربَنْ؟ ".
وإنّما كان ما قبل هذه النون مفتوحًا هنا؛ لأنّ آخِرَ الفعل ساكنٌ لحدوث البناء فيه عند اتّصال هذه النون به؛ لأنّها تؤكّد معنَى الفعليّة، فعاد إلى أصله من البناء، والنونُ الخفيفةُ ساكنةٌ.