المبهم من الأسماء الألف واللام، قصراه على واحد بعينه، فاشتبها بتعيينهما ما دخل عليهما من الحروف بعد وقوعهما أولاً مبهمَيْن.
ومنها أنه يقع في مواقع الأسماء، ويؤدّي معانيها، نحوَ قولك:"زيدٌ يضرب"، كما تقول:"زيد ضاربٌ"، وتقول في الصفة:"هذا رجلٌ يضرب" كما تقول: "هذا رجلٌ ضاربٌ"، فقد وقع الفعل هنا موقع الاسم، والمعنى فيهما واحد.
والثالث: أنها تدخل عليه لام التأكيد التي هي في الأصل للاسم؛ لأنها في الحقيقة لام الابتداء، نحوَ قولك:"إنّ زيدًا ليَقوم"، كما تقول:"إنّ زيدًا لَقائمٌ". ولا يجوز دخولها على الماضي لبُعْدِ ما بينه وبين الاسم، فلا يُقال:"إنّ زيدًا لَقَامَ" على معنى هذه اللام. فلمّا ضارع الاسمَ من هذه الأوجه؛ أُعرب لمضارَعة المعرب.
وإعرابُه بالرفع والنصب والجزم، ولا جرّ فيه كما لا جزمَ في الأسماء، وهذا معنى قوله:"والجزم مكان الجرّ". وسنذكر علّةَ ذلك بعدُ، فاعرفه.
[فصل [إعراب الفعل المضارع الذي من الأفعال الخمسة]]
قال صاحب الكتاب: وهو إذا كان فاعله ضمير اثنين, أو جماعة, أو مخاطب مؤنث, لحقته معه في حال الرفع نون مكسورة بعد الألف, مفتوحة بعد أختيها, كقولك: هما يفعلان، وأنتما تفعلان، وهم يفعلون، وأنتم تفعلون، وأنت تفعلين. وجعل في حال النصب كغير المتحرك، فقيل "لن يفعلا"، و"لن يفعلوا"، كما قيل "لم يفعلا", و"لم يفعلوا".
* * *
قال الشارح: اعلم أن هذه الأمثلة أعني "يفعلان"، و"تفعلان"، و"يفعلون"، و"تفعلون"، و"تفعلين" ليست تثنية للفعل، ولا جمعًا له في الحقيقة, لأن الأفعال لا تُثنَّى، ولا تجمع, لأن الغرض من التثنية والجمع الدلالة على الكثرة، ولفظُ الفعل يُعبَّر به عن القليل والكثير، فلم تكن حاجة إلى التثنية والجمع. وذلك نحو قولك:"قام زيدٌ"، و"ضرب زيدٌ عمرًا"، فيجوز أن يكون قد قام مرّة، ويجوز أن يكون قد قام مرارًا، وكذلك الضرب. ولو وجبت تثنيةُ الفعل أو جمعُه إذا أُسند إلى فاعلَيْن أو جماعةٍ، لجازت تثنيته إذا أُسند إلى واحد، وتكرّر الفعلُ منه، فكان يُقال:"قَامَا زيدٌ" وذلك فاسد.
فإذا كان الفعل نفسُه لا يثنّى ولا يجمع؛ فالتثنيةُ في قولك:"يفعلان"، والجمع في قولك:"يفعلون" إنمّا هي للفاعل لا للفعل، والألفُ في قولك:"يضربان" اسمٌ، وهي