للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف الحرف حرف التقريب

[فصل [قد]]

قال صاحب الكتاب: وهو "قد" يُقرِّب الماضي من الحال إذا قلت: "قد فعل". ومنه قول المؤذن: "قد قامت الصلاة", ولا بد فيه من معنى التوقع. قال سيبويه (١): وأما "قد", فجواب "هل فعل". وقال أيضاً (٢): فجواب "لما يفعل", وقال الخليل (٣): هذا الكلام لقوم ينتظرون الخبر.

* * *

قال الشارح: "قَدْ" حرفٌ معناه التقريبُ، وذلك أنك تقول: "قام زيدٌ"، فتُخبِر بقيامه فيما مضى من الزمن، إلَّا أن ذلك الزمان قد يكون بعيدًا، وقد يكون قريبًا من الزمان الذي أنت فيه، فإذا قرّبتَه بـ "قَدْ"، فقد قرّبتَه ممّا أنت فيه، ولذلك قال المُؤذِّن: "قد قامت الصلاة"، أي: قد حان وقتُها في هذا الزمان. ولذلك يحسن وقوعُ الماضي بموضع الحال إذا كان معه "قَدْ"، نحوَ قولك: "رأيتُ زيدًا قد عزم على الخروج"، أي: عازمًا.

وفيها معنى التوقع يعني لا يُقال: "قد فعل" إلا لمن ينتظر الفعلَ أو يَسأل عنه، ولذلك قال سيبويه: وأمّا "قَدْ" فجوابُ "هل فعل"؛ لأنّ السائل ينتظر الجوابَ، وقال أيضًا. وأمّا "قَدْ" فجوابٌ لقوله: "لَما يَفْعَل"، فتقول: "قد فعل". وذلك أنّ المُخْبِر إذا أراد أن ينفي، والمُحدّث ينتظر الجوابَ، قال: "لَمَّا يَفعَل"، وجوابُه في طرف الإثبات: "قد فعل"؛ لأنه إيجابٌ لِما نفاه. وقولُ الخليل: "هذا الكلامُ لقوم ينتظرون الخبر"، يريد أنّ الإنسان إذا سأل عن فعلٍ أو عُلِمَ أنّه متوقعٌ أن يُخْبَر به، قيل: "قد فَعَلَ". وإذا كان المُخْبِر مبتدِئًا قال: "فعل كذا وكذا"، فاعرفه.


(١) الكتاب ٣/ ١١٤.
(٢) الكتاب ٤/ ٢٢٣.
(٣) الكتاب ٤/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>